صدمة في اخر ها الليل

البارحة و في وقت متأخّر من الليل و بينما كان الكل نياما, كنت أنا أقوم بعملية سطو صغيرة على مويايل والدي محاولا اختلاس بضع وحدات و إرسالها إلى جهازي عن طريق رسالة, قد يقول البعض أنه عمل شائن، و لكنني كنت عاشقا تخلت عنه كو موبايل في آخر الليل, فلم أجد بدا من اللجوء إلى الأساليب الملتوية؛ على كل حال و بما أنني جديد على الصنعة فقد بدأت أحركش لأعرف إذا ما كانت الوحدات قد أرسلت ….. بالمختصر وجدتني وجها لوجه مع تقارير تسليم لرسائل عاطفية أرسلت من جهاز والدي ل … سمير إسماعيل !!!…. لحظة طويلة من الصمت، طبعا ليس صمتا عن الكلام، ولكنه صمت عقلي الذي أعلن إضرابا عن التفكير.

ثمّ ….عشرات من الأفكار, بل المئات منها تندفع متصارعة في رأسي لتعمّ فيه فوضى عارمة, العديد من إشارات الاستفهام بدأت تقفز هنا وهناك، إشارات تعجب تملأ فضائي الفكري, و مع أنّه ليس هناك إشارات استنكار إلا أنّني أكاد أقسم أنني رأيتها ترسم لي وجوها غريبة كسمايلي المسنجر.

أدخلت رقم الموبايل في هاتفي و طلبت الرقم و عندما سمعت صوتا نسائيا ناعسا أقفلت الخط وأنا أحسّ ببعض الطمأنينة، الحمد لله…

و بدأت تجتاحني صور من الماضي على شكل فلاش باك كما في الأفلام, آآ لهذا كانت تصرفات والدي غريبة مؤخرا ,ولهذا كان يغيب كثيرا عن البيت مع أنّه متقاعد, ثم ذاك الاتصال الذي جاءه منذ أيام في آخر الليل .. لا بدّ أنها كانت هي….

تساءلت عما يجب أن أفعله, ولمن يمكن أن ألجأ, أو من أستشير فيما يمكن عمله, و لكنّني لم أهتدي لجواب ناجع, فوالدي عادة هو ملجأي لحل المشكلات العويصة, ووالدتي هي الملجأ الآخر في المشكلات التي قد تعالجها جرعة من الحنان و التشجيع, و لم أجد في نفسي الشجاعة لأتحدث مع أحد من الأصدقاء دون المخاطرة بسماع عبارات إستهزاء أو استخفاف، لم أجد في داخلي الطاقة لاحتمالها, و وقفت حائرا, كيف أتصرف ؟

ثم صفعني سؤال كبير لم يخطر على بالي في البداية ,لماذا؟؟ ……. بدأت أستعرض ما قد ينفر الرجل من زوجته، أو ما قد ينفرني أنا من حبيبتي و زوجتي المستقبلية، و بحثت عنه في أمّي فلم أجد مبرّرا منطقيا، خاصة وأنّ والدتي من نوع النساء اللواتي يعتنين بأنفسهن مظهرا و “هو الأهم”, و من ثم مضمونا..ليست ضحلة أو سطحية, و لا مملة, و لم تقم بمحورة حياتها حول والدي, و ليست من جنس الأحياء الأموات الذي تتحول إليه العديد من نسائنا بعد الزواج, إذا فالمشكلة في الطرف الآخر, و لكن والدي ليس من نوع الرجال اللعوبين و ليس شخصا فارغ الرأس والأشغال ليبحث عن المغامرات و العلاقات العاطفية، و الشيء الوحيد الفارغ لديه هي جيوبه !! إذا ؟؟؟

هل هو العمر؟ هل هو مرض؟ أم خلل جيني؟ ثم هل يمكن أن يكون هذا الخلل قد انتقل إلي وراثيا؟ خاصة أنّ جملة “كلكن انتو الرجال متل بعض ما ألكن أمان” لا تفتأ أن تـُكرّر على مسامعي من كل أنثى، و كل ما ينتهي بتاء مربوطة سواء كنت أنا المعني أو مجرّد فشة خلق, حتى كدت أصدّقها, هل سأفعل هذا بحبيبتي المسكينة بعد 25 سنة من الزواج و الأولاد؟ ثم هل سيصيب أختي العزيزة ما أصاب والدتي؟ كيف لي أن أحذّرها دون أن أهدم ثقتها بالمؤسسة الزوجية؟ خاصة وأنّ ثقتي أنا على وشك الانهيار حتّى بنفسي, و للحظات أحسست أنّ عالمي أو ما كنت أظنّ أنّه عالمي ينهار من حولي، و يأخذ معه نقطة إرتكازي الوحيدة دون أن أكون قادرا على عمل شيء…

و فجأة يرنّ موبايلي, إنها حبيبتي سمر, و لكن لما تتّصل بي في هذا الوقت؟ و في هذه اللحظة بالذات؟؟ …. أردّ فيأتيني صوتها ناعسا و متسائلا: ما الذي خطر لك لتتصل بي في هذا الوقت؟ ثم لم أقفلت الخط في وجهي, ماذا بك؟

ماذا؟؟؟ أتصل بك؟!! أنا لم أت….آآآهههه ما أحمقني كيف نسيت هذا الاسم؟ كيف نسيت أيام الحبّ السري الشريد دون موبايل؟ و كيف نسيت رسائلنا المشفّرة؟ و لكن ….كيف لم أتعرّف إلى صوتها؟؟؟!.

ياه جبل نزل عن صدري, و لكن رغم ذلك لم تزُل إشارات الاستفهام, بل زادت, و ما زالت تصرفات والدي غريبة و غير مفهومة