شهادات جديدة تدين الجرائم الاستعمارية
الجيش الفرنسي جهز 6 آلاف نعش لتشييع ضحايا تفجيرات رڤان النووية
2009.02.05 محمد مسلم / وأج
كشفت
اعترافات جديدة حول التفجيرات النووية التي قام بها الجيش الفرنسي في
الصحراء الجزائرية العام 1960، أن السلطات الاستعمارية كانت على علم
بالتداعيات الخطيرة التي قد تنجر عن مثل هذه التجارب على حياة السكان
الأصليين، بدليل تجهيزها لما لا يقل عن ستة آلاف نعش على مستوى القاعدة
العسكرية برڤان، تحسبا للخسائر المحتملة.
وشكلت الاعترافات الجديدة
موضوع إنتاج وثائقي مطول بعنوان "اليربوع الازرق" للمخرج الجزائري، جمال
وهاب، عرض "لأول مرة" أول أمس الاثنين بالعاصمة الفرنسية باريس، بحضور
عديد من الشخصيات الرسمية الفرنسية بينهم برلمانيون.
الفيلم الوثائقي
عرض شهادات لشخصيات جزائرية وفرنسية عايشت الحدث وعانت من تداعياته على
حياتهم الصحية، وأورد في هذا الصدد عددا من مسني منطقة أدرار كانوا قد
فقدوا أبصارهم جراء تلك الإشعاعات، كما تطرق إلى حالة طفلتين تعانين من
تشوهات وراثية ناتجة عن تعرض والديهما لإشعاعات نووية بسبب التجارب
الفرنسية، ما يفند مزاعم وزارة الدفاع الفرنسية التي قالت إنها اتخذت كل
التدابير الأمنية قبل الشروع في هذه التجارب.
ومن بين الشهادات التي
أدانت فرنسا اعترافات لجنود سابقين في الجيش الفرنسي نفسه، فضحوا
الممارسات الاستعمارية التي لم ترحم حتى أبناءها البسطاء، ومن بين هؤلاء
غاستون موريزو أحد قدماء الجنود الفرنسيين، الذي كان حاضرا بموقع تفجير
أول قنبلة نووية في الصحراء الجزائرية بتاريخ 13 فيفري 1960، حيث اعترف
قائلا "لقد استعملنا كفئران مخابر خلال أولى التجارب النووية الفرنسية
برڤان"، لكن من دون أن يكون على دراية بذلك.
وتابع موريزو في شهادته
"لقد كنا 18 شخصا بموقع إجراء التجربة النووية، وقد أمرنا بالبقاء بعين
المكان، كما وجهت لنا تعليمات بعدم النظر للتفجير"، مشيرا إلى أن "الضباط
السامين (الفرنسيين) كانوا قد لاذوا بالفرار في وقت مبكر من التفجير،
وتركونا لمدة أسبوع بمكان التجربة".
وفي الشهادة الثانية، أكد جندي
فرنسي آخر يدعى لوسيان بارفي، يعتبر من ضحايا التجارب النووية انه كلف
باسترجاع آلة تركت بموقع عين إيكار بتمنراست كانت قد تعرضت إلى تلك
الإشعاعات الشيء الذي تسبب له في إحداث تشوه كبير على مستوى الوجه. وأمام
عدسة الكاميرا قام بارفي بنزع الضمادة التي تغطي وجهه مبرزا التشوهات التي
يعاني منها بينها ثقب كبير بعينه اليسرى، فضلا عن إصابات خطيرة في عدة
مناطق من الوجه والرقبة.
وعرض الفيلم شهادة طبيب جزائري يعمل بالقطاع
الصحي لمدينة ادرار، قال إنه وقف على "عدد كبير من الأطفال يولدون بتشوهات
خلقية غير طبيعية"، تضاف إلى الخسائر التي خلفتها التجارب النووية
الفرنسية على المحيط البيئي للمنطقة، سيما الفلاحية منها.
وقد أجمع
الأشخاص المستجوبون في الفيلم على ضرورة اعتراف السلطات الفرنسية بوضعيتهم
كضحايا تجارب نووية، وصرح غاستون موريزو قائلا "إننا لا نريد تعويضا ولكن
نريد اعترافا وهذا من أجل شرفنا".