[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الضحايا من الأطفال هم بالتأكيد من المدنيين، أما الرجال الذين يقتلون وهم يطلقون الصواريخ هم بلا شك لا. ولكن ماذا عن الأربعين خريجا من معهد للشرطة تديره حماس والذين قتلوا في الموجة الأولى من القصف الإسرائيلي على غزة؟
مخازن الأسلحة تعتبر بالطبع مواقع عسكرية ولكن ماذا عن مقر وزارة الداخلية، الذي ضرب ما أدى إلى مقتل اثنين من المسعفين، أو مكتب الصرافة الذي دمر الأسبوع الماضي وأدى إلى إصابة صبي يقيم في الطابق الأعلى للمكتب؟
في الوقت الذي تتصاعد فيه أعداد القتلى في غزة، تزداد أهمية السؤال حول من هو الذي يمكن اعتباره هدفا عسكريا مشروعا في منطقة تديرها جماعة يعتبرها الكثيرون في المجتمع الدولي منظمة إرهابية.
هذه هي أيضا الجماعة التي فازت في الانتخابات الفلسطينية التشريعية في يناير/كانون الثاني 2006 وبعد عام من ذلك سيطرت على قطاع غزة بالقوة.
وبالتالي فبينما هذه الجماعة هي التي تقف وراء حملة من التفجيرات الانتحارية في إسرائيل وتطلق الصواريخ بشكل عشوائي عبر الحدود، فهي أيضا الجماعة التي تتولى مسؤولية المدارس والمستشفيات وشبكات الصرف الصحي ومحطات توليد الطافة في غزة.
القانون الدولي
إسرائيل تقول إنها تعمل وفق القانون الإنساني، لكن جماعات حقوق الإنسان تخشى من أن إسرائيل جعلت من حدود القانون الإنساني الذي تعمل وفقه تتسع.
وفي الوقت الذي دخلت فيه القوات البرية الإسرائيلية في اشتباكات في قطاع غزة المليء بالسكان، تبدو الأسئلة حول من هو المدني ومن هو العسكري أكثر إلحاحا.
فقواعد القانون الدولي حول العمل على الحد من الضحايا المدنيين خلال الحروب مبنية على التفريق بين "المقاتلين" وبين "غير المقاتلين".
ففي الوقت الذي شنت فيه إسرائيل أولى غاراتها الجوية، قال رئيس الوزراء المنصرف أيهود أولمرت: "أنتم، مواطنو غزة، لستم أعدائنا. حماس والجهاد والجماعات الإرهابية الأخرى هم أعداؤكم مثلما هم أعداؤنا".
ولكن عندما يقول متحدث عسكري إسرائيلي إن أي "شيء له علاقة مع حماس هو هدف شرعي"، فإن الأشياء تتعقد حينها أكثر.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهي الجهة التي ترعى بنود اتفاقية جنيف والتي يبنى عليها القانون الدولي الإنساني، تعرف الشخص المقاتل بأنه هذا الشخص الذي "يتورط بشكل مباشر في القتال".
لكن المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي بنجامين روتلاند قال لبي بي سي: "تعريفنا أن أي شخص متورط في الإرهاب داخل حماس هو هدف مشروع. وهذا يضم المنشآت العسكرية الصرفة والمنشآت السياسية التي تقدم الدعم اللوجيستي والتمويل والموارد البشرية للذراع الإرهابي".
أما فيليب ساندس، بروفيسور القانون الدولي في لندن كولج فيقول إنه ليس على دراية بأي ديمقراطية غربية لديها هذا التعريف الواسع.
ويضيف: "إذا حدث ووسعت تعريف من هو المقاتل وفق الطريقة التي يتبعها الجيش الإسرائيلي، فإنك تبدأ حينها في تضمين التعريف الأفراد الذين لديهم علاقات غير مباشرة بالمقاتلين ويصبح التعريف وقتها مفتوحا، وهو ما يقلل من أهمية الهدف الرئيسي والغرض من وراء القواعد المفترض تطبيقها."
وبالفعل فإن حماس نفسها قالت إن حقيقة أن كل الإسرائيليين يخدمون في الجيش هو ما يبرر الاعتداءات على الأهداف المدنية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]رجال شرطة حماس
تقول جماعات حقوق الانسان إن التكلفة البشرية للحملة العسكرية على غزة باهظة
الموجة الأولى من الغارات الجوية الإسرائيلية والتي استهدفت كل مقار الشرطة في غزة تعتبر ركنا أساسيا في السؤال حول من المدني ومن العسكري، خاصة مقتل أربعين متدربا على الأقل في قوات الشرطة خلال حفل تخرجهم.
ويقول محللون إن رجال شرطة حماس مسؤولون عن قمع المنشقين وكشف الجواسيس، بالإضافة إلى محاربة الجريمة وتنظيم المرور.
لكن منظمة بتسيلم والتي أثارت المسألة في خطاب وجهته للمدعي العام في إسرائيل تقول إن من قتلوا قد تدربوا على مهام الإسعاف الأولي وحقوق الإنسان والحفاظ على النظام العام.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن لديه معلومات استخباراتية إن أعضاء قوة الشرطة في غزة "يختلطون" بفرق إطلاق الصواريخ. لكن الجيش لم يعط أي تفاصيل حول المواقع أو الأشخاص الذين استهدفهم.
لكن على الرغم من ذلك فإن هيومان رايتس ووتش تقول إنه حتى لو أن رجال الشرطة يقومون بدور مقاتلي حماس فإن من المشروع استهدافهم عندما يكونون في مهام عسكرية فقط.
كما أن هيومان رايتس ووتش وبتسيلم قلقتان من استهداف أهداف مدنية مثل الجامعة الإسلامية والمساجد والمقار الحكومية.
فالبروتكول الأول من اتفاقية معاهدة جنيف، التي لم توقع عليها إسرائيل، يقول إنه كي يكون الموقع هدفا عسكريا مشروعا فإنه يجب "أن يقدم مساهمة فعالة في العمل العسكري" وأن تدميره أو تحييده يجب أن يقدم "تقدما عسكريا واضحا".
وتقول إسرئيل إنها قصفت المساجد لأنها كانت تستخدم كمخازن للأسلحة. وقد صدر عن إسرائيل مقاطع فيديو تظهر انفجارات لمقذوفات بعد استهداف مساجد كدليل على صحة ما تقول.
لكنها لا تقدم أي دليل على ما تدعيه بأن المعامل العلمية في الجامعة الإسلامية والتي تم قصفها بضراوة، كانت تستخدم في الأبحاث المتعلقة بالأسلحة، أو ادعاءاتها بأن ثلاثة مكاتب صرافة استهدفت كانت متورطة في "تحويلات مالية لتمويل أنشطة إرهابية".
ويقول روتلاند إن هذا بسبب أن إسرائيل نادرا ما تفرج عن مواد استخباراتية خوفا على حياة مصادرها.
باستهدافها لوزارات التعليم والخارجية والداخلية ومقر البرلمان فإن إسرائيل ببساطة تقول إن هذه المقار جزء من البنية التحتية لحماس وأنه لا يوجد فرق بين الجناح السياسي للحركة والجناح العسكري.
وتقول مديرة بتسيلم جيسكا مونتل إنه "الإدعاء بأن كل هؤلاء الضباط كانوا أهدافا شرعية، فقط لأن لديهم ارتباطات بحماس، ليس دقيقا من الناحية القانونية ويخلق إشكالا كبيرا".
أسئلة حول الرد غير المتكافئ
هناك أيضا مفهوم قانون آخر لم تلتزم به إسرائيل يثير القلق.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أسئلة حول الرد غير المتكافئ
هناك أيضا مفهوم قانون آخر لم تلتزم به إسرائيل يثير القلق.
لم تقدم إسرائيل دليلا على أن الجامعة الاسلامية استخدمت في دعم الذراع العسكري لحماس
وهذا يتطلب أن الإنجار العسكري لأي عملية يجب أن يكون متكافئا مع الخسائر البشرية المحتمل وقوعها عند تنفيذ هذه العملية العسكرية.
ووفق ما يقول فريد أبرهامز، وهو باحث كبير في هيومان رايتس ووتش، فإنه "حتى لو كان لديك هدف شرعي فمن غير المعقول أن تستهدفه بقنابل من زنة عشرة طن".
خمس شقيقات من عائلة بالوشة قتلوا وهن نيام عندما تم استهداف مسجد تابع لحماس في مخيم جباليا في اليوم الثاني من عملية الرصاص المصبوب.
وتدعو هيومان رايتس ووتش لتحقيق، وتقول: "هل كان المسجد هدفا شرعيا؟ لدينا شكوكنا.. هل استخدم الإسرائيليون أسلحة يمكن أن تحد من الإضرار بالمدنيين؟ لدينا شكوكنا العميقة."
في هذه الحالة يقول روتلاند إن الجيش الإسرائيلي لم يكن لديه تسجيل بهدف في هذه المنطقة في هذا الوقت، ولم يعط أي إيضاحات حول مقتل الفتيات الخمس.
مثال آخر هو استهداف شاحنة تقول إسرائيل أنها كانت محملة بالصواريخ.
بتسيلم ومالك الشاحنة، والذي يقول إن ابنه قتل مع سبعة آخرين عند استهدافها، قالوا إن الشاحنة كانت محملة بأسطوانات الأكسجين المستخدمة في اللحام. وتصر إسرائيل على أن المخزن الذي حملت منه أسطوانات الأكسجين كان يخزن أسلحة في الماضي.
فما هي جودة المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية؟ ما هو احتمال أنه، على سبيل المثال، عندما تم اتخاذ قرار الشاحنة، كانت المعلومات خاطئة؟ وهل كان الإنجاز المحتمل أكبر من الخسائر المتوقعة؟
ويقول البروفيسور ساندس إن التكافؤ في هذا الأمر هو أمر "صعب، صعب للغاية".
ويضيف: "ما هو متكافئ بالنسبة لشخص قد يكون غير متكافئ بالنسبة لآخر".
والفروق في حرب غزة مروعة. فالفلسطينيون يقولون إن 500 من سكان غزة قتلوا في ثمان أيام مقارنة بثمانية عشر إسرائيليا من إطلاق الصواريخ منذ عام 2001.
لكن خبراء يقولون إن المسائل تتراوح ما بين نوايا الطرفين والأسباب التي أدت إلى الذهاب إلى الحرب، والقرارات التي تم أخذها لحماية، أو لتعريض، المدنيين للظروف على الأرض، وهو ما يجعل كل ذلك يصب في معادلة قانونية معقدة للغاية.
وتقول إسرائيل إن محامين تتم استشارتهم باستمرار في العمليات العسكرية وأنها تتخذ كل الخطوات من أجل الحد من الضحايا المدنيين.
فالأسلحة الموجهة استخدمت، والتحذيرات الهاتفية تتم قبل قصف المباني والجيش الإسرائيلي يقول إن مهاما عسكرية تم التراجع عنها بسبب رؤية مدنيين عند الهدف.
وتقول إسرائيل إن عدوها هو أبعد ما يكون عن الجيش النظامي. ويقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي روتلاند: "إننا نتحدث عن حكومة الهدف منها هو هزيمة إسرائيل.. والتي كل مواردها موجهة نحو مهاجمة المدنيين الإسرائيليين".
ويؤكد شهود عيان ومحللون أن حماس أطلقت صواريخ من داخل مناطق مكتظة بالمدنيين وكل الأطراف تتفق على أن الحركة تخرق القانون الدولي عبر استهداف المدنيين بصواريخها.
لكن بينما تصف مونتل من بتسيلم إطلاق الصواريخ بأنه "جريمة حرب واضحة" تضيف: "أنا بالطبع لا أتوقع من حكومتي التصرف وفق معايير حماس التي رسمتها لنفسها، ونحن نطالب بمعايير أعلى".