بسم الله الرحمن الرحيم
لقد شاء الله تعالى أن يثور سيد الشهداء ضد الطغيان لاعلاء كلمته وابقاء شريعتة ، فقام ناهضا في سبيل انفاذ أمرالله عزوجل ، وضحى بدمه الزاكي ودماء الطيبين من ذريته وذويه وأصحابه لاحياء الدين وشريعة سيد المرسلين (ص) مستحقا بذلك قول الرسول الاعظم (ص) الذي يرويه البخاري من اهل السنة: حسين مني وانا من حسين. وما اعظمه من حديث مصداقه ان مايجري على الحسين (ع) انما يجري على رسول الله (ص) وان مصيبتنا بالحسين هي مصيبتنا برسول الله (ص).
[size=16]إقامة العزاء على الحسين (ع) وإحياء أمره عند السنة والشيعه
في العاشر من محرم وهو اليوم الذي استشهد فيه الحسين (ع) وهو سيد شباب اهل الجنة باتفاق جميع اهل الاسلام، يستحب مؤكدا للمسلمين عامة سنة وشيعة إظهار الحزن والبكاء والمصاب واقامة العزاء والتعلم من نهج الحسين عليه السلام واحياء امره وخصوصا دروس الثورة الحسينية المباركة. نعم تمتاز نهضة الامام الثائر الحسين بن علي (ع) عن بقية النهضات والثورات أنها كانت نهضة دينية مطلقة لا يشوبها شائبة الملك والسلطنة و الاغراض الدنيوية الرخيصة مثل قيام بعض الثائرين الذين تلبسوا بلبوس الدين.
لقد شاء الله تعالى أن يثور سيد الشهداء ضد الطغيان لاعلاء كلمته وابقاء شريعتة ، فقام ناهضا في سبيل انفاذ أمرالله عزوجل ، وضحى بدمه الزاكي ودماء الطيبين من ذريته وذويه وأصحابه لاحياء الدين وشريعة سيد المرسلين (ص) مستحقا بذلك قول الرسول الاعظم (ص) الذي يرويه البخاري من اهل السنة: حسين مني وانا من حسين. وما اعظمه من حديث مصداقه ان مايجري على الحسين (ع) انما يجري على رسول الله (ص) وان مصيبتنا بالحسين هي مصيبتنا برسول الله (ص).
ولان الاسلام ومؤسسه بامر الله الرسول الاعظم محمد (ص) خالدين الى يوم القيامة وجب خلود الثورة الحسينية لان الثورة الحسينية هي الثورة المحمدية لتي جاءت لانقاذ البشرية من الظلمات الى النور. وعليه فالواجب على محبي الرسول الاعظم (ص) ارواحنا فداه ان يحزنوا لحزنه لمصاب الحسين عليه السلام ويظهروا مظاهر العزاء والمصاب لانه عزاء للرسول (ص) واهل بيته عليهم السلام واستنان بسنته.
والغريب انه بالرغم من ان كتب اهل السنة مليئة بالاخبار التي تدعو المسلمين الى ماقلناه انفا الا ان بعض الفرق التي تدعي الاسلام كالسلفيين وامثالهم وهم الذين يفترض ان يلتزمون بسنة الرسول الاعظم (ص) ولو ظاهرا تراهم يشنعون على من يحيي هذه السنة النبوية ويقيم الشعائر الحسينية ويعتبرونها بدعة بل وحتى يكفرون اصحابها. مع انه الحزن والبكاء على الحسين عليه السلام واقامة العزاء في المحرم وزيارة الحسين (ع) من سنة الرسول الاعظم (ص) وارواحنا فداه كما سوف ترى. واليكم بعض الاحاديث الموثقة الواردة في كتب اخواننا السنة في هذا الشان .
أخرج الطبراني في معجمه عن عائشة أن النبي (ص) قال: أخبرني جبرئيل، أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف، وجاءني بهذه التربة فأخبرني أن فيها مضجعه.
وأخرج أبو داود والحاكم عن أم الفضل بنت الحرث أن النبي (ص) قال: أتاني جبرئيل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا - يعني الحسين - وأتاني بتربة حمراء .
أخرج البغوي في معجمه من حديث أنس أن النبي (ص) قال: استأذن ملك القطر ربه أن يزورني فأذن له، وكان في بوم أم سلمة، فقال رسول الله (ص): يا أم سلمة احفظي علينا الباب لا يدخل أحد، فبينما هي على الباب إذ دخل الحسين، فاقتحم فوثب على رسول الله (ص) فجعل رسول الله (ص) يلثمه ويقبله، فقال له الملك: أتحبه؟ قال: نعم، قال الملك: إن أمتك ستقتله، وإن شئت أريك المكان الذي يقتل فيه، فأراه، فجاء بسهلة أو تراب أحمر فأخذته أم سلمه فجعلته في ثوبها.قال ثابت: كنا نقول أنها كربلاء .وأخرجه أيضاً أبو حاتم في صحيحه وروى أحمد نحوه.وروى عبد الرحمن بن حميد وابن أحمد نحوه أيضاً، لكن الملك فيه جبريل، فإن صح فهما واقعتان. وزاد الثاني أيضاً أنه (ص) شمها وقال: ريح كرب وبلاء. والسهلة بكسر أوله رمل خشن ليس بالدقاق الناعم. وفي رواية الملا وابن أحمد زيادة في المسند ما قالت: ناولني كفاً من تراب أحمر، وقال: هذا من تربة الأرض التي يقتل بها، فمتى صارت دماً فاعلمي أنه قد قتل. قالت أم سلمة: فوضعته في قارورة عندي وكنت أقول: إن يوماً يتحول فيه دماً ليوم عظيم. وفي رواية عنها: فأصبته يوم قتل الحسين وقد صار دماً.
وفي أخرى: ثم قال - يعني جبرئيل -: ألا أريك تربة مقتله؟ فجاء بحصيات فجعلهن رسول الله (ص) في قارورة، ثم قالت أم سلمة: فلما كانت ليلة قتل الحسين سمعت قائلاً يقول:
أيها القاتلون جهلاً حسينا أبشروا بالعذاب والتذليل
قد لُعنتم على لسان ابن داو د وموسى وحامل الإنجيل
قال: فبكت وفتحت القارورة فإذا الحصيات قد جرت دماً.
وأخرج الترمذي في صحيحه أن أم سلمة رأت النبي باكياً وبرأسه ولحيته التراب فسألته فقال: قتل الحسين آنفاً. وفي خبر عمر بن سليمان عن الاعمش ، عن سعيد بن جبير قال : كان ملك من الكروبيين يقال له فطرس بعثه الله مبعثا فأبطأ وكان يسرح مع الملائكة ، فكسر الله جناحه وطرحه في جزيرة من جزائر البحر ، فلما كان صبيحة ولد الحسين بن علي بعث الله جبريل مع ألف من الملائكة إلى النبي صلى الله عليه يهنئه بولادة الحسين ، فمر جبريل بذلك الملك - وكان بينهما خلة - فقال : يا روح الله الامين أين تريد ؟ فقال : أريد النبي التهامي وهب الله له مولودا في هذه الليلة لاهنئه . فقال له : ألا تحملني معك لعله أن يسأل ربه أن يرد علي جناحي فأسرح مع الملائكة كما كنت أسرح . فحمله معه ، ثم أتى النبي صلى الله عليه فهنأه بولادة الحسين ثم قال له : يا محمد هذا ملك من الكروبيين بعثه الله مبعثا فأبطأ فكسر الله جناحه ثم طرحه في جزيرة من جزائر البحر ، وهو يسألك أن تسأل ربك أن يرد عليه جناحه فيسرح مع الملائكة كما كان يسرح . فقام النبي صلى الله عليه فصلى ركعتين ودعا والحسين ملتف في خرقة ، ثم قال له : قم فامسح جناحك على هذا المولود . فقام فمسح جناحه ، فرد الله عليه جناحه ، فنهض الملك يسرح ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أين تريد ؟ فقال : أسرح مع الملائكة كما كنت أسرح . فقال النبي صلى الله عليه : ان جبريل أخبرني بقتل ابني هذا واني سألت الله أن يجعلك خليفتي عند قبره ، فلا يزوره زائر
ولا يصلي عند قبره مصل الا أخبرتني بذلك لتأتيه بشارة مني ، فهو عند قبره إلى يوم القيامة ، ولا يزوره زائر ولا يصلي عليه أحد الا أتاه بذلك .
وعن الربيع بن منذر الثوري ، عن أبيه قال : سمعت الحسين بن علي يقول : من دمعت عيناه فينا دمعة أو قطرت عيناه فينا قطرة أثواه الله بها في الجنة حقبا .
وروي عن أُمّ المؤمنين ام سلمة رضي الله عنها أنـّها قالت: خرج رسولالله صلّي الله علیه وآله من عندنا ذات ليلة فغاب عنّا طويلاً، ثمّ جاءنا وهو أشعث أغبر ويده مضمومة، فقلت له: يا رسول الله، ما لي أراك أشعث مغبراً؟ فقال: أُسري بي في هذا الوقت إلی موضع من العراق يقال له كربلا فرأيت فيه مصرع الحسين ابني وجماعة من ولدي وأهل بيتي، فلمأزل ألقط دماءهم فها هي في يدي، وبسطها إلی فقال: خذيها واحتفظي بها. فأخذتُها فإذا هي شبه تراب أحمر، فوضعته في قارورة وشددت رأسها واحتفظت بها. فلمّا خرج الحسين علیه السلام من مكّة متوجّهاً نحو العراق كنت أُخرج تلك القارورة في كلّ يوم وليلة فأشمّها وأنظر إليها ثمّ أبكي لمصابه، فلمّا كان اليوم العاشر من المحرّم وهو اليوم الذي قُتل فيه الحسين عليه السلام أخرجتها في أوّل النهار وهي بحالها، ثمّ عُدت إليها آخر النهار فإذا هي دمٌ عبيطٌ.
وروي عن محمّد بن سيرين (من مشايخ السنة) قال: لَمْ تُرَ هذه الحُمرة في السماءِ إلاّ بعد قَتْلِ الحسينِ علیه السلام.
وروي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة (من محدثي السنة)عَنْ علیّ بْنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ الْحُسَيْنِ علیهِ السَّلاَمُ فَمَا نَزَلَ مَنْزِلاً وَلاَ ارْتَحَلَ مِنْهُ إِلاَّ ذَكَرَ يَحْيَيبْنَ زَكَرِيَّا وَقَتْلَهُ. وَقَالَ يَوْماً: وَمِنْ هَوَانِ الدُّنْيَا علی اللَهِ أَنَّ رَأْسَ يَحْيَيبْنِ زَكَرِيَّا أُهْدِيَ إلی بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إسْرَائِيلَ.
وفي ماذكره البخاري عبرة لناكري مصيبة الحسين عليه السلام. اخرَّج البخاري في صحيحه بسنده إلى أنس بن مالك: "أتي عبيد الله بن زيـاد برأس الحسين بن علي فجُعل في طَسْتٍ، فجعل ينكت، وقال في حسنه شيئاً، فقال أنس: كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مخضوباً بالوسمة".فيا أسفاً على المصائب مرة - كما قال الفقيه السني ابن العربي المالكي – ويا أسفاً على مصيبة الحسين ألف مرة، وإن بوله يجري على صدر النبي صلى الله عليه وسلم، ودمه يُراق على البوغاء ولا يحقن، يا لله ويا للمسلمين.
و ابن تيمية على الرغم من نصبه وعداوته لاهل البيت عليهم السلام وشيعتهم يعترف بقوله : والحسين رضي الله عنه قتل مظلوماً شهيداً ، وقتلته ظالمون معتدون. والحسين رضي الله عنه أكرمه اللهُ تعالى بالشهادةِ في هذا اليوم (أي يوم عاشوراء)، وأهان بذلك مَن قتله أو أعان على قتلِه أو رضيَ بقتلِه، وله أسوةٌ حسنةٌ بِمَن سبقه من الشهداء؛ فإنَّه (هو) وأخوه سيِّدَا شباب أهل الجَنَّة، وكانا قد تربَّيَا في عزِّ الإسلامِ، لَم ينالاَ من الهجرة والجهاد والصَّبر على الأذى في الله ما ناله أهلُ بيتِه، فأكرمهما اللهُ تعالى بالشَّهادةِ تكميلاً لكرامتِهما، ورَفعاً لدرجاتِهما. وقتلُه مصيبةٌ عظيمةٌ، والله سبحانه قد شرع الاسترجاعَ عند المصيبة بقوله: ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ )[1] .
واقول ماقاله الله تعالى {ستكتب شهادتهم ويسالون}[2] .وفي هذا كفاية لمن يدعي بدعة البكاء على الحسين واقامة عزائه. ولكن، ما ضرّ الذين يقيمون شعائر دينهم أن يسخر منهم الجاهلون والتكفيريون ما داموا يعلمون أنهم على حقّ وانهم يمتثلون سنة الرسول الاعظم (ص) وأن أعداءهم على باطل ولقد شكوا عند الأمام الصادق (عليه السلام) استهزاء الأعداء هم فقال مهدئاً روعهم: (والله لحظّهم أخطأوا، وعن ثواب الله زاغوا، وعن جوار محمد تباعدوا) . هؤلاء المستهزئون العاصون لسنة الرسول (ص) هم من مصاديق الاية الكريمة {يومئذ يود الذين ?فروا و عصوا الرسول لو تسوي بهم الارض و لا ي?تمون الله حديثا}[3] . انا لله وانا اليه راجعون وسيعلم الذين ظلموا ال محمد وشيعتهم اي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين.