إن كبر ابنك خاويه .. مثل شعبي ومعادلة حوارية عصرية حول علاقة الآباء بالأبناء.. معادلة تزيل الحاجز الذي قد ينشأ في فترة المراهقة حيث يبدأ الصراع من أجل الاستقلال.. كما أنها تدعم العلاقات الأسرية وتساعد الشباب على تكوين شخصية سليمة ايجابية.
وتوضح الدكتورة ريما عويس: في هذه السن تبدأ تصرفات الشباب تأخذ صفة العصيان والتفرد، ولابدّ أن نكون حذرين في الكلام الذي نحاور به الأبناء الذين كانوا حتى هذه السن في دور التلقي والتقليد. وتدعو إلى تجنب المشادات الحوارية التي تؤدي إلى استنزاف الاحترام، كما أن أي توتر في الحديث قد يؤدي إلى التمرد.
وتضيف: علينا الانتباه إلى نوع الحوار الذي نحاور به أبناءنا حتى لا يأتي بنتائج معكوسة. وبينت: هناك أسلوب للحوار قد يجهله الآباء، فالحب أمرٌ لا بدّ أن يكون مطلقاً، وهذا لا بد أن يكون فطرياً، وعلينا أن ندرك أهمية هذا الحوار؛ فنغمة الصوت لها تأثير ونوع الحوار ومستوى الصوت له تأثير، فنبرة الصوت العالية قد يفهمها الأبناء على أنها عراك فعلينا الابتعاد عنها واللجوء إلى أسلوب الحوار الهادئ حتى وان كان الموضوع يستحق الانفعال من أجله لأن الصوت العالي قد يؤذي مشاعر الأبناء ويزيد الموقف حدة.
وحذرت من استخدام بعض الآباء أسلوب الحوار الصارم المبني على القسوة الذي يعتبره البعض الأسلوب الأمثل الذي يخلق حولهم هالة من التقدير والشخصية المحترمة التي يرغبون بالظهور بها أمام أبنائهم وهذا في الواقع يحدث خللاً في علاقة الآباء بالأبناء فهم يدفعون بالحوار إلى أن يكون من طرف واحد، الأب يتكلم بينما ينصت الابن وهذا يؤدي إلى فقدان العلاقة الطيبة التي يجب أن تكون مبنية على الصداقة.
ويبين الباحث الاجتماعي : يزن عثامنة أن الأسلوب الأمثل للحوار بحاجة إلى بعض العبارات التي أثبتت فاعليتها في الحوار مع الأبناء مثل (ممتاز، رائع، جميل) موضحاً: هي عبارات بسيطة ولكنها ذات تأثير كبير في نفوس الأبناء، وتعتبر وسيلة تشجيعية على استمرارية الحوار وتكراره لمد جسور التفاهم.
ولفت عثامنة إلى الاختلاف الفكري بين جيلين يمثل طرفه الأول الوالدان، اللذان ينتميان إلى جيل، والأولاد أي الفئة الشابة التي تنتمي إلى جيل آخر مختلف تماماً عن طرف المعادلة الأول.
واكد ان جيل الشباب له قناعته وطريقة تفكيره الخاصة وطموحات تختلف عما يخططه له الوالدان، فالجيل الشاب يطمح أن يصنع مستقبله بنفسه بما يضمن له راحة داخلية وشعوراً بأنه مالك القرار، الأمر الذي يتعارض مع رغبة الوالدين اللذين يطمحان لأن يبقى الشاب تحت جناحيهما انطلاقاً من حبهما وحرصهما الشديدين له وكثيراً ما تنشب خلافات بين الشاب ووالده بسبب تعارض آرائهما ورغبة كل واحد منهما في التعبير عن رغباته بطريقته ويصل هذا التعارض في كثير من الأحيان إلى خلافات شديدة ومشاحنات كلامية.
وبيّن أن الحوار هو وسيلة الوصول إلى نتيجة مرضية للطرفين، فالحوار الأسري يعتبر من أهم الوسائل الاتصالية الفعالة لتحقيق نتائج مرضية على الصعيد النفسي والتربوي والاجتماعي، وتكون في المحصلة إيجابية لأنه يضمن استمرار العلاقات الأسرية المترابطة ويحافظ عليها، وتتجلى أهمية الحوار في دعم النمو النفسي والتخفيف من مشاعر الكبت وتحرير النفس من كم الصراعات والمشاعر العدائية والمخاوف والقلق، ويتيح للشاب تفريغ طاقاته ومشاعره من خلال الأساليب اللفظية اللغوية التي يجد من خلالها حلولاً لمشكلاته أو تعديلاً لوجهات نظر سابقة، ويرى عثامنة أن الحوار وسيلة بنائية علاجية تساعد في حل كثير من المشكلات، ويعتبر الوسيلة المثلى لبناء حوار أسري سليم يدعم نمو الشباب ويؤدي بهم إلى تكوين شخصية سليمة قوية إيجابية كما أنه يدعم العلاقات الأسرية بشكل عام.
ويشير الطبيب النفسي قيس ارشيدات إلى أن الحوار مع الشباب بحاجة إلى حكمة وعقلنة وهدوء حتى يأتي بنتائج ايجابية تناسب طموح الوالدين والأبناء وخصوصاً بعد أن تحول عصرنا إلى عصر وسائل الإعلام، وباتت تؤثر على الشاب أكثر من تأثير أسرته عليه مما يجعل للحوار صعوبة حقيقية ويجب هنا أن يدرك الوالدان أنه وسط انشغالهما بأمور الحياة، عليهما ألا يتركا مهام حل مشاكل أبنائهما لوسائل الإعلام بل أن يكونا أكثر التصاقاً بهمومهم حتى يكونا على بيِّنة بتوجهات أولادهما وقناعاتهم والمشكلات التي يعانون منها ومساعدتهم على حلها.
ويركز ارشيدات على ضرورة الحوار الايجابي من الأسرة، فيجب عدم إسكات الأبناء عندما يطرحون آراءهم بل تشجيعهم على استخدام وسائل التعبير والحوار العصري حتى تكون كل المشاكل قابلة للحوار الايجابي في جو الأسرة الحميمي ويشعر الشاب بأنه لا يمكن أن يستغني عن أسرته التي تبقى الملاذ الآخر له عندما تعترضه أية مشكلة.
تحياتي لكم أعزائي :