المثل والكلام في حديث أهل الشام

المثل والكلام في حديث أهل الشام
مراجعه وشرح : الباحث منذر الحايك قراءة : عبد الحميد غزي بن حسن
صدر عن دار طلاس بدمشق ، كتاب بعنوان : " المثل والكلام في حديث أهل الشام" للدكتور خالد الصناديقي، ومراجعة وشرح الباحث منذر الحايك .. وجاء الكتاب في 228 صفحة من القطع المتوسط.
والكتاب - بحد ذاته- محاولة لدراسة اللهجة الشامية وأصولها وأمثالها، وتدوين الكثير من ألفاظها الألسنية والنظريات الحديثة في دراسة اللهجات..
والكتاب، يتألف من مقدمة وثلاثة فصول، وهي:
-الفصل الأول : قواعد اللسان الشامي.
- الفصل الثاني: أصول الكلام الشامي.
- الفصل الثالث: مجمع الأمثال الشامية.
وأما مقدمة الباحث منذر الحايك ، فجاءت بشرح موجز، وبمراجعة مبسطة لأهم الأفكار التي وردت في مقدمة المؤلف وفصول كتابه.. ولعل الباحث يبرر سبب انتشار العامية إلى كونها تعبر بسهولة عن المتطلبات اليومية، اضف انها غير خاضعة لقيود علمية أو لغوية، مما تتبدل من منطقة لأخرى متأثرة بالثقافات والعادات والتقاليد..
وفي حين تناولت مقدمة المؤلف، أهم الصعوبات والعراقيل التي واجهته عند تدوين الأمثال، ومن جملة تلك العوائق، عدم وجود قاعدة معينة لتدوين الكلام العامي، يتساءل الدكتور خالد صناديقي:
- " هل أدوِّن الكلام كما هو لفظياً حرفياً؟!".
- " هل أدوِّن الكلام بعد أن أعيده لأصله الفصيح ؟!".
ومع ذلك، يصر على قراره المتضمن دراسة أصول النحو العامي، على الرغم من أنه لم يتطرق بل لم يحظ مثل هذا الموضوع بالدراسة من قبله،.. ومن اللافت للانتباه، ان سبب اصرار المؤلف ، يعود إلى ان التدوين اللفظي غير عملي، وصعب قراءته،.. اضافة انه لايشمل التغيير في اللهجات بين مختلف المدن الشامية.
ويتناول المؤلف في الفصل الأول من كتابه، مجموعة مسائل هامة، كمسألة التغيرات التي بدلت اللغة الفصحى إلى العامية الشامية، وبدليل ما أدخله الإسلام من تغيير في معاني كثير من الكلمات، كالإسلام، والإيمان، والتقوى.. وغيرها من المصطلحات الإسلامية التي فقدت معناها القديم.
ويستعرض المؤلف أمثلة كثيرة على انتشار ظاهرة "التبديل" أي تبديل حرف بآخر، ولم يكتف بذلك، وانما يؤكد ان هذه الظاهرة- التبديل- كانت سائدة في عصر الجاهلية واستمرت في العصور الإسلامية حتى عصرالعامية،..
ويفرد الدكتور صناديقي حيزاً كبيراً من كتابه للتحدث عن اشهر التبديلات الشامية الحضرية، وذلك كتبديل القاف والذال والثاء والهمزة؛ فالقاعدة في اللهجات الشامية، هي تبديل القاف بالهمزة مطلقاً في المناطق الحضرية، إلا أن القاف لاتزال تلفظ فصيحة في المناطق الريفية والجبلية من بلاد الشام، وتشذ عن قاعدة التبديل هذه بعض الكلمات التى بدلت فيها القاف بالكاف مثل كلمة "عكف" التي أصلها (عقف)، وكما تتحول الهمرة إلى ألف إذا كان فاء الاسم مفتوحاً كما في كلمة "فأس" فاس،..
كما تحدث المؤلف عن الكلمات الجديدة التي دخلت على اللهجة الشامية من خلال أسلوب النحت، ومن هذة الكلمات المنحوتة في اللهجة الشامية ( لسّا. لهسّا. هسّا. لسّاع )، منحوتة من ( لهذه الساعة)..
وللأمانة ان الشوام، أغنوا اللغة العربية بكثرة استعمال بعض الصيغ اللفظية النادرة الاستعمال، فجاءت عاميتهم غنية بألفاظ جديدة ولاسيما أن معظمها كثيرة الاستعمال في السريانية (كلمات عربية سريانية)، ويورد المؤلف المئات من هذه الكلمات تأكيداً على ذلك، وعلى سبيل المثال لا الحصر. صيغة الإفراد، وهي الاسماء التي تنتهي بألف ياء تاء مربوطة كما كلمتي "كباية"، "حرباية"،.. وقد تكون باضافة ألف والياء الساكنة دون الهاء، مثل كلمة " محشاي"..
ويقول المؤلف، من جملة هذه التغييرات (دخول كلمات جديدة في اللهجة الشامية)، انتشار ظاهرة " التعريب" أي اقتباس الكلمات من اللغات الأخرى، وعلى سبيل المثال، لا تزال العشرات من هذه الكلمات تستعمل من قبل أهل الشام، وتفيد المعلومات الواردة في الكتاب، أن كلمتي: طنجرة وشيش طاووق، بعود أصلهما إلى اللغة التركية..
وجاء الفصل الثاني من الكتاب بعشرات الألفاظ ذات الأصول اللغوية الغريبة التي تعود إلى اللغات ( التركية، السريانية.. )، ثم شرحها المؤلف باسهاب شديد بغية تغريب بعضها إلى الأصل الفصيح، وأما الفصل الأخير من الكتاب؛ محاولة من المؤلف ليميز بين المثل والحكمة الشعبية، وذلك خلال اعطاء تعاريف لكل منهما، وعرفت الحكمة بأنها "أصول السلوك الإنساني الذي اتفقت عليه المجتمعات الإنسانية، بينما عرف المثل، بانه " تصوير لحالة إنسانية خاصة، تظهر في تصويرها مشاعرنا وافكارنا السامية..".
وأوضح المؤلف من خلال دراسته عن المثل والحكمة الشعبية، أوجه التناقض بينهما، ومن جملة الأمثلة التي استعرضها الدكتور صناديقي مثلاً، تقول الحكمة الشعبية المتداولة:" خبّي قرشك الأبيض ليومك الأسود" في حين يقوم المثل الشعبي، الذي يصور الجانب المعاكس لتلك الحكمة المذكورة أعلاه: "اصرف ما في الجيب ، يأتيك ما في الغيب " وكما يشير المؤلف في ختام دراسته إلى بعض الأمثال التي كانت بحق صوراً حية، تصور الحياة العائلية مثل " الخلاف بين الكنة والحماية" وغيرها من الصور، إلا ان تلك الأمثال اختفت ولم يعد لها وجود..
هامش
اسم الكتاب:"المثل والكلام في حديث أهل الشام".
اسم المؤلف : د. خالد صناديقي
سنة إصدار الكتاب 1998م
عدد صفحاته 228 صفحة
من القطع متوسط.

سررت جدا بهذا التواجد القيم منكما اخي الصقر العراقي واختي هنودة تقبلوا كل امتناني لكم