السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استعنت بالله نعم المولى ونعم النصير
الجن والشياطين . من هم ؟ وكيف يعملون ؟
نحن نعرف جميعاً ( الجن والشياطين ) خلق من ضمن مخلوقات الله عز وجل . وأنهم مكلفين كالأنس . مؤمنهم يدخل الجنه وكافرهم يدخل النار . ونعرف أيضاً أنهم يرونا ولانراهم . ومنهم ( العمًار _ الغواص _ البنًاء _ الطيار _ سكان البوادي والفلوات _ سكان الوديان والجبال _وغيرهم . ومنهم من هو مُنظر إلى يوم القيامه ومنهم من يعيش إلى ألف سنه او اقل او أكثر.... إلخ ) .
ولكن كثيراً منا لايعرف أنهم يشاركونا ويختلطون معنا ( في الأسواق والمنزل والسيارة والمدرسة والعمل ) . يصيبون أحياناً من أكلنا . ومن النظر إلينا حين نخلع ملابسنا او حين نغتسل او حين ننام .... ولايعرف ايضاً كثير منا انهم يحسدوننا و يسعون بالفتنة بين أهل المنزل الواحد او الأسرة او الأقارب .
و بين الشيطان وبني آدم عداوة لا تنتهي حتى يرث الأرض ومن عليها . ومن خصال إيمان المؤمن التصديق بذلك . ولهذه العداوة وسائل وطرق عديدة كثيرة وخبيثة أحياناً . ولكن هدفها واحد . وهو : إضلال وغواية ثم كفر بني آدم في حياته او حين موته ( سوء الخاتمة . نعوذ بالله من ذلك ) او إبعاده عن الطريق الصحيح مثل : _ ( تسمية الطاعات بأسماء منفرة . والعكس صحيح + التدرج في الأنحراف + حب الدنيا + الحرص الزائد + شرب الخمر + اكل الربا + تزيين الباطل + تغيير المسميات + التسويف والكسل والغفلة + الأفراط والتفريط + الأسراف + الميسر + سماع الموسيقى + الزنا + تعلم السحر + العقوق + النميمة والغيبة + البدع في الدين + اكل لحم الخنزير .. وكثير مما لايعد ولايحصى ) قال تعالى. ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) فاطر6
و قال تعالى ( كمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلأ نسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) [الحشر : 16]
كما وضح كل من القرأن الكريم والسنة النبوية المطهرة . وسائل الشيطان في ذلك . ( وسوسة . همز . لمز . غمز . نزغ . ركض . طعن . حضور . إ ستحواذ . نفث وغير ذلك مما لايعلمه إلا الله سبحانه ) . كما فيهما ( القرأن والسنة ) طرق محاربته وصده وقتاله ثم النصر عليه بأذن الله . فليس لأحد حجة ولا عذر سليماً كان او مصاب إلا ان يعاديه ويحاربه بكل وسيلة ولا يخافه اطلاقاً . قال تعالى . ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) [آل عمران : 175] وكما قال تعالى . ( الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ) [النساء : 76]
وللجن والشياطين بما ميزهم الله بقدرات وسرعات هائلة القدرة على : _
1 _ نقل وتحريك الأشياء من مكان لأخر .
2 _ نقل الأخبار ( لايعلمون الغيب المقيد ) . الغيب نوعان ( مطلق _ مُقيد )
3 _ إشعال الحرائق .
4 _ السرقة .
5 _ القيام بالأعمال الشاقة .
6 _ الأنتقال من مكان إلى مكان آخر بسرعة كبيرة .
ومع هذا : ( أنظر للحكمة )
1_ لايقربون شيئاً ذُكر أسم الله عليه . 2_ لايستطيعون ان يكشفوا غطاء إناء مغطًى .
3 _ لايستطيعون ان يحلون رباط او عقدة .
4 _ لايستطيعون ان يفتحوا باب مقفل .
و ( الشياطين ) هم سبب كل علة ( مرض روحي ) _ لوحدهم او لتعاونهم مع
شياطين الأنس .كما قال تعالى ( وكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ) [الأنعام : 112]
وقال تعالى . ( ويَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ) [الأنعام : 128]
وقال تعالى . ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) [الأعراف : 179]
َوتعتمد الأصابات الروحية عليهم إعتماداً كلياً تقريباً . ( سحر _ حسد _ مس ) وما ينتج عن ذلك من أعراض وامراض . مثل التفريق والنزيف والعقم والقتل والجنون والصرف والصداع و الهم والغم والحزن والكآبة والوسواس القهري والنفور من البيت والمجتمع والأرق والقلق .......... إلخ . وهي أعراض تتشابه إلى حد ما مع اعراض الأمراض العصبية والعضوية وكذلك النفسية . وقد لايفرق المصاب بين هذه الأعراض وتلك ( أنظر الفروق بينهما ) وأهم هذه الفروق أن المرض الذي يكون بسبب الجن لا يستجيب لعلاج الأطباء إلا من قبيل المخادعة الشيطانية أى يتجاوب الشيطان مع علاج الأطباء لفترة من الزمن حتى يظن المريض بأنه مصاب بمرض عضوي وبعد شهر أو أشهر يعاود الشيطان نشاطه وهذه الخدعة يقع فيها كثير من المعالجين و المرضى على حد سواء .
ويقول شيخ الأسلام إبن تيميه : ليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع وغيره ، ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك ، فقد كذب على الشرع ، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك وكيف يُنكر أمرٌ مشاهدٌ ملموسٌ ، يتكلم الشيطان على لسان المصروع بلغة غير لغته ولهجة غير لهجته ونبرة صوت غير نبرة صوته . يخبرك الشيطان على لسان المصروع عن أمور لا يعلمها ولا يدركها المصروع نفسه . ويشعر المصروع بسريان الشيطان في جسده وبتأثيره عليه في بدنه . وقد يفسد عليه عقله وفكره ، ويجعل أعضائه تتصرف بطريقة مغايرة للمألوف . إنتهى كلامه
إن اعراض إقتران الجن او الشيطان بالأنسان تختلف من شخص لأخر . فتكون واضحة في إنسان . وغير واضحة في إنسان آخر .
والأنسان المقترن به جن او شيطان . هو إنسان مزدوج الشخصية ( له تصرفات متناقضة بين الحين والأخر _ فتتوارى شخصيته الأنسانية مثلاً وتبرز الأخرى الشيطانية ) أي مرة تجده عصبي او يجلس في الظلام او ينفر من الناس . ومرة تجده إنساناً سوياً . او احيانا اخرى يوسوس له الشيطان بأن مايشتكي منه . هو نتيجة التعب من تنظيف البيت او هو إرهاق بسبب العمل . وبالتالي يصده عن العلاج .
ويتوقف هذا بالطبع على أمرين . وهما : _
1 _ قوة إيمان الأنسان . بحيث لايستطيع الجن او الشيطان ان يُغير كثيراً في شخصيته . لأنه في هذه الحالة ( الشيطان ) يكون ضعيفاً _ أمام قوة الأيمان للأنسان . فلا يستطيع التصرف بقلب الممسوس اوعقله او تصرفاته . كما قال تعالى . ( إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً )[الإسراء : 65]
2 _ سبب دخوله وقوته ومكانه ونوعه وديانته .
هذا ماتيسر كتابته عن هذه المخلوق ( الجن والشياطين ) . ولو تكلمنا بتفصيل عنهما لأحتجنا إلى مجلدات .
ولكني كتبت المفيد . ليعرف من لايعرف . ان هذه المخلوقات . ليس لها مطلق الحرية في التصرف او الأنتقال او الأذى إلا بأرادة الله عز وجل خالقهم وبيده مصيرهم . فكل خلق من مخلوقات الله له حدود ونظام يسير فيه . وغير متاح له ان يخرج عنه . مهما كبر او صغر هذا المخلوق . إن الأمر لله من قبل ومن بعد وحده لاشريك له. فهل تؤمن بهذا ايها الأنسان ؟
يقول عزوجل وهو أصدق القائلين ( َولَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ) [الزمر : 38]
فسبحان الله الذي عز فارتفع وعلا فامتنع ووهب ونزع وضر ونفع وسن وشرع وفرق وجمع (وذل كل شيء لعظمته وخضع ) .