يبدو أن غياب الأخت ساجدة و الردود الطيبة التي شرفني بها أعضاء من واحتنا قد جرئتني على التطفل من جديد على هذا المنتدى.
و صرت أتوق لأن أكون فيلسوفا أو ربما نفسي تحدثني بأني أجيد الطرح و التحليل و التركيب.
أو ربما ذهبت بي بعيدا فأوهمتني أني ذو بصيرة نافذة و عقل متقد.
و لكن مع ذلك لا أترك لها العنان بل أحاول أن أقلل من إندفاعها و أسعى لإبعادها عن الغرور و لكن بصراحة أميل إلى تصديقها.
عجيب ما يحدث في النفس عندما تنفرد بك أو عندما تنفرد بها.في محاورتك الصامتة يظهر لك أنك تكلم شخصا آخر و
تكتشف أنك فعلا تتعرف على جوانب غامضة تحملها بين جنبيك
فهل عندما يناقش الإنسان نفسه يمكنه المحافظة على الموضوعية في الطرح؟
و هل عندما يناقش الإنسان نفسه هل يناقشها على أنها كيان منفصل أم جزء منه؟
أحيانا عندما أحاول الغوص في كتاب الله سبحانه و تعالى أتوقف كثيرا عند آيات تسمع فيها مجادلة النفس مع الإنسان و أنبهر أمام تلك الحوارت التي تدور بينهما و يدهشني قوله تعالى "يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها"سبحان الخلاق العليم.
و أنبهر كذلك بذلك التقسيم الرائع للنفس فهي أمارة و لوامة و مطمئنة.
و تلاحظ ذلك الصراع الرهيب المحتدم في مساحة صغيرة يشغلها الجسم في الفضاء.
فلم أعد أرى الإنسان نفسا بل نفوسا كل واحدة منها تسعى لفرض رؤيتها و صبغ الإنسان بصبغتها.
و يذكرني هذا بمصطلحات فلسفية كنا ندرسها ألأنا الأعلى و الأنا و الليبيدو. وما كنت أفهمه من خلال الشروح أن الأنا الأعلى يمثل مجموعة القيم،المبادئ و الأخلاق التي يفرضها المجتمع على الفرد. فهي معايير يقوم بها المجتمع أفراده.
و أما الأنا فهو الفرد بعينه، بتميزه عن الآخرين ، بذاتيته المنفصلة عن المجتمع فالأنا هو الممانعة و المقاومة لما هو معياري.
أما الليبيدو فيمثل الحياة اللاشعورية و عالم المكبوتات .
ربما لست دقيقا في فهمي لهذه المصطلحات و لكن من خلال تجاربي النفسية أستطيع أن أتصور مدى الصراع الذي يحدث في داخلي أحاول أن أكون ممتازا بمعيار الأنا الأعلى أي بمقاييس المجتمع و لكن الأنا الذي يميزني عن غيري يقول لي يجب أن تختلف عن الآخرين و أن تعترف بأنك خطاء و أن تتعلم كيف تقبل فكرة عدم الكمال.
أما الليبيدو فيذكرني بأن له حقا في هذا الخضم و أنه جانب لا يهمل.
و صرت أفهم قول شيوخنا في الكتاتيب " الإيمان فعل يزيد و ينقص"و أظن أن تفاعل هذه النفوس مع بعضها يؤثر تأثيرا كبيرا على تعاملنا مع محيطنا و مع الوضعيات المختلفة التي تواجهنا.
فكل فرد يعرف نفسه :ميزاتها،عيوبها،قوتها ، ضعفها
و لكن يتبادر إلى ذهني تساؤل ألا يمكن لنفسك أن تجاملك و أن تسايرك؟
بالتأكيد و ربما هذا هو إتباع الهوى أو تغليب النظرة الذاتية على النظرة الموضوعية.
و هنا لا بد من وضع مقياس تزن به نفسك أو نفوسك و هذا الميزان يختلف بإختلاف المجتمعات و الثقافات و الأديان
فالمسلم يحاكم نفسه الى كتاب الله و سنة نبيه المصطفى عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم.و يعرض نفسه على معايير الشرع فيتدرج بنفسه و يرتقي بها
و لكن أظن أن ذلك الصراع هو الذي يصنع الفرد و يسمه بصفاته و يجعله متميزا إما سلبا أو إيجابا عن بقية المجتمع
و لكن يبقى ما قلته مجرد حديث نفس أو نفوس
و ما قلته هنا لا يستلزم الخطأ أو الصواب بل هو دردشة ومحاولة تفلسف فقط