هل سيحمل جورج ميتشل أي جديد للقضية الفلسطينية "مجموعة القضايا الفكرية"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]بعد وصول الرئيس الأميركي الجديد اوباما إلى سدة الحكم تفاءل الكثيرين بنظرة جديدة مغايرة للوضع الفلسطيني وحل دائم للقضية الفلسطينية التي تعتبر جوهر الصراع العالمي , وبعد تعيين جورج ميتشل مبعوثا خاصا "للشرق الأوسط" زاد هذا التفاؤل لدرجة كبيرة عند البعض وأصبح هناك بارقة أمل لدى بعض الفلسطينيين كون أن جذور ميتشل لبنانية من ناحية الأم ولأنه يعتبر سياسي محايد وناجح حيث استطاع تسوية النزاع في ايرلندا بعد سنوات طويلة من الصراع ولكونه ترأس اللجنة التي عقبت اندلاع انتفاضة الأقصى وأشرفت على تحديد أسبابها حيث كان في توصياتها توجيه بعض الملاحظات والانتقادات للكيان الصهيوني تعتبر الأولى من نوعها حسب وصف السلطة لها وتنص توصيات ميتشل عام 2001 على ضرورة الوقف المتبادل لأعمال العنف (حسب وصفه) ووقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية وضمان تبني الجيش الصهيوني وتطبيقه لسياسات وإجراءات تشجع على ردود غير مميتة على المتظاهرين العزل وكما أن ميتشل وصف زيارة شارون للمسجد الأقصى بأنها “سيئة التوقيت” وذات “تأثير استفزازي”.
ولكن هل يكفي هذا للتفاؤل وتناسي الحقائق التي يغفل الجميع عنها وما ينبغي علينا أن ندركه جميعا هو أن ميتشل يعترف بشرعية "إسرائيل" بالوجود وأحقية اليهود لهذه الأرض بمعنى أنه يلغي الحق التاريخي للفلسطينيين المسلمين بأرضهم ويعني أيضا انه ضد أي مقاومة تقوم على الأراضي المحتلة عام48 بل ويعتبرها بمثابة أعمال إرهابية في نظره وان أي صاروخ سيطلق على المستوطنات سيكون قتل لأناس أبرياء مدنيين حسب نظره وبذلك فانه يكون قد ألغى حق المقاومة الذي نصت عليه جميع قوانينهم الوضعية فميتشل لن يعترف بحق الفلسطينيين بالأرض ولن يعترف بأنهم شعب تحت احتلال وبالتالي فانه سيشطب حق العودة أيضا ولن يتحدث عن إعادة اللاجئين إلى أراضيهم الأصلية, كما انه سيعتبر الأسرى الفلسطينيين ارهابيين معتديين لذلك لن يطالب بإطلاق سراحهم فإذن ميتشل ينحاز للكيان الصهيوني في جميع الأمور الإستراتيجية ويتنكر لجميع الحقوق والثوابت الفلسطينية .
إن الآمال التي تنعقد على هؤلاء الأشخاص هي مجرد سراب وأوهام سرعان ما ستتطاير , فأمريكا والغرب هم الذين ساعدوا الصهاينة على إقامة كيانهم المسخ وهم المتكفلين بحمايتهم وحفظ أمنهم وتزويدهم بالمال والسلاح الدائم وان كان ميتشل يظن بأنه في حال استأنف المفاوضات واوجد ثقة متبادلة -بين الصهاينة وعباس الفاقد للشرعية- قد حقق انجازا فانه واهم فشعبنا الفلسطيني رفض هذا العبث ولن يقبل به أبدا والمفاوضات على مدار عشرات السنين الماضية لم تحقق أي نتيجة سوى التفريط المستمر والتنازل عن الحقوق والإذلال لأصحابها وشعبنا المجاهد لن يعترف بالصهاينة مطلقا ولن يعطيهم أي شرعية وسيبقى مواصلا لجهاده حتى يحرر آخر ذرة تراب من فلسطين التاريخية.
أما لماذا يتخوف الصهاينة من ميتشل وقدومه للمنطقة ولماذا هذه الزوبعة الإعلامية ضده فلهذا تفسيران أولهما أن إسرائيل تعودت على رجل ينحاز لها بشكل كامل ولا يعارضهم بأي شيء صغيرا أو كبيرا وميتشل عارضهم على استحياء في مسائل بناء المستوطنات في الضفة والقوة المفرطة التي يستخدمها جيش الاحتلال ضد العزل مع انه دائم التأكيد على خطأ الفلسطينيين وإرهابهم وهل هذا سبب حقيقي يخيف الصهاينة منه وهم الذين أهملوا تقريره عام 2001 وأبقوه مجرد حبر على ورق , والتفسير الثاني أن هذه الزوبعة الإعلامية جاءت بشكل مقصود ومنسق مع الولايات المتحدة حتى تخدع العرب والمسلمين.
وهل سيتجرأ ميتشل على الاعتراف بفصائل المقاومة ووجودها على الأرض؟ لا شك بان الذي يطالب بتطبيق خطة خارطة الطريق والتي تنص في شقها الأمني على القضاء الكامل على المقاومة ومن طالب بإيقاف الصواريخ في أول كلمة له واعتبرها وسيلة ارهابية لقتل المدنيين ولم يتحدث عن مجزرة غزة وابتعد عن تحميل الصهاينة مسؤولية الجرائم البشعة والمجازر التي وقعت وفضل رئيسه الصمت رغم بشاعة الأحداث لن يعترف بحماس وفصائل المقاومة ولن يعترف بحقهم في الدفاع عن النفس , لذلك فان المقاومة قد اختارت طريقها المخضب بالدماء ورفضت عبث المفاوضات الهزيلة ومؤتمرات السلام الخادعة لأنها علمت أنها مضيعة للوقت وللحقوق وان اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو هي لغة المقاومة والجهاد .
إن تقزيم قضية فلسطين لأبعد الحدود هو الذي جعل فريق عباس يفرح لفوز اوباما ووصول ميتشل إلى المنطقة ويبدو أنهم نسوا أو تناسوا زيارة اوباما لحائط البراق وتأكيده المستمر على ضمان امن "إسرائيل" مرارا وتكرارا , ومهما يكن فان إدارة اوباما ستبقى تنطلق من قاعدة التحالف الاستراتيجي ما بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وهذا تحالف ليس مجرد حديث معنوي، فهناك اتفاقيات موقعة بين الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية وخاصة فيما يسمى بالمسائل الدفاعية وستبقى هذه الاتفاقيات ملزمة لإدارة اوباما.