نقلت لكم هذا الموضوع اليوم وهو بعنوان البدع وخطرها
لما لاحظته من وجود بعض المشاركات التى بها أدعية وأقوال ليس لها سند صحيح تنسب تارة لبعض الصالحين وتارة أخرى تنسب لرسولنا الكريم أو تترك بدون سند
والتشريع حق خالص لله ولرسله الكرام بإذن منه ووحى ولا يجوز لكائن من كان أن يضيف للإسلام شيئ فيما يخص الأمور التعبدية التى هى وقف على ماجاء به الله وما جاء به رسولنا الكريم
ولكى تكون العبادة صحيحة ومتقبلة لا بد لها من شرطان:
1-أن تكون خالصة لوجه الله لقوله تعالى" وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) 0سورة البينة)
2-أن تكون وفقا لما جاء به رسولنا الكريم بالنقل الصحيح لما روته أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها وعن أبيها
"حدثنا يعقوب حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد رواه عبد الله بن جعفر المخرمي وعبد الواحد بن أبي عون عن سعد بن إبراهيم0صحيح البخارى)
3- الدعوة إلى الله من أشرف الأعمال التى يتقرب العبد إلى الله بها ويجب أن تكون بما صح عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حتى لا ندخل فى وعيد رسولنا الكريم ":(( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ومن حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين أو الكاذبين )) (الحديث صحيح)
البدعة وخطرهاالحمد لله القائل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً} (المائدة: من الآية3).
والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد الذي حذَّر أمته من البدع، وشرع لها سنن الهدى ثم قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة".
وقال أيضاً "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".
وفي رواية: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". وقال "تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك". فصلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الذين اعتصموا بسنته فاتبعوا ولم يبتدعوا، وعلى من اقتفى أثرهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين. أما بعد: فإنه لا شيء أفسد للدين وأشد تقويضاً لبنيانه من البدع؛ فهي تفتك به فتك الذئب بالغنم، وتنحر فيه نخر السوس في الحب، وتسري في كيانه سريان النار في الهشيم.
لهذا جاءت النصوص الشرعية بالتحذير منها بشدة تكشف عن سوء عواقبها من التفريق والاختلاف في الدنيا، والعذاب والخزي وسواد الوجوه في الآخرة. قال تعالى }وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ *يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{ (آل عمران:107) .
قال ابن عباس رضي الله عنه: " تبيض وجوه أهل السنة وتسوَدًُّ وجوه أهل البدعة".
وقال تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ{ (الأنعام:159)
قال كثير من السلف: نزلت في أهل الأهواء والبدع. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من البدع في كل وقت، وفي مناسبات كثيرة، فكان مما يقول إذا خطب في الناس:
"وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" (1).
ولقد أحدث كثير من المسلمين في دينهم من البدع والمحدثات ما انحرفوا به وحرفوا غيرهم عن سواء السبيل، وعمي عليهم بذلك دينهم الحق؛ فما يفتح لهم الشيطان باب ضلالة إلا ولجوه، ولا يزين لهم شيئاً من البدع إلا اتبعوه.
فالشيطان لا يزال يتدرج في وساوسه وغوايته لابن آدم في ست مراتب ومراحل، ذكرها ابن القيم، وإن أولها:
الشرك والكفر، فإذا ظفر بذلك من ابن آدم برد أنينه، واستراح؛ لأنه صيَّره بذلك من جنده وحزبه، فإن يئس من ذلك نقله إلى المرتبة الثانية، وهي البدعة، وهي أحب إليه من الفسوق والمعاصي؛ لأن العاصي يفعل المعصية وهو يعلم أنها معصية فيتوب منها، أما المبتدع فيفعل البدعة وهو يعتقدها ديناً يتقرب به إلى الله فلا يتوب منها. ومما يدل على أن البدعة أخطر من المعصية، قصة ذلك الرجل الذي شرب الخمر فلعنه رجل، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله". وهذا مثال صاحب المعصية.
أما صاحب البدعة فمثاله قصة ذلك الرجل الذي اعترض على قسمة الرسول صلى الله عليه وسلم في الغنائم، وكان بين عينيه أثر السجود، فقال صلى الله عليه وسلم: "يخرج من ضئضئ هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرءون القرآن لا يتجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد".
فالأول نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن لعنه وشهد له بصحة الاعتقاد؛ وذلك نص على أن المعصية انحراف في العمل والجوارح. أما الثاني فعلامات السجود ظاهرة عليه، ومع ذلك أمر الرسول بقتل ذريته، على كثرة صلاتهم؛ لكونهم مبتدعة. فهي أحب إلى الشيطان من المعاصي لأن ضررها في الدين نفسه، ومتعد إلى الغير وهي تفتح باباً للشرك والكفر.
وكما قيل: "البدعة دهليز الشرك". وقال أيضاً بعض أهل العلم: "إن البدعة لا تزال في القلب يظلم منها شيئاً فشيئاً، حتى يصل إلى الكفر". فلا يزال العبد يتقلب في ضلالات البدع حتى يقع في غوائل الشرك ويهلك. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "لا يزيغ عنها إلا هالك".
وبحسب البدعة من الشر والخطورة أن تكون هذه عاقبتها. ولكن من خطورتها أيضاً وقبح عاقبتها أن عمل صاحب البدعة مردود؛ حيث قال الله تعالى: }قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً{ (الكهف:104) . وقال صلى الله عليه وسلم "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".(2)
ومن خطورتها أن التوبة محجوبة عنه؛ ما دام مصراً على بدعته. قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته". ثم إن عليه وزر من قلد بدعته التي عمل بها لقوله تعالى: }لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ{ (النحل:25).
كما أن للبدعة أضرارا على القلب؛ فهي تتسبب في زيغه وفساده، بل هي علامة على ذلك، فالكثير ممن وقع في البدع يفتر في تنفيذ أمور ثبتت شرعيتها وسنيتها، وإذا قام بالبدعة قام بها بنشاط وإقبال.
لأجل ذلك قال بعض أهل العلم من السلف: ما ابتدع قوم في دين الله بدعة إلا أضاعوا من السنة مثلها أو أشد. كما أنها تبغِّض إلى أصحابها السنة وأهل السنة.
ومن صور هلاك أهل البدعة يوم القيامة، أنهم يُمنعون من ورود حوض النبي صلى الله عليه وسلم والشرب منه، قال صلى الله عليه وسلم "يذاد رجال يوم القيامة عن حوضي فأقول يا رب أصحابي؟ فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك".
ما هي البدعة؟ينبغي العلم أن كل من أخترع طريقة في الدين، يقصد بها التقرب إلى الله، ولم يقم على صحتها دليل شرعي صحيح ولو بقصد حسن، فإن هذه هي البدعة. ومع كونها ضلالة وفي النار؛ فإنها أيضاً تعتبر طعناً في دين الله عز وجل، وتعتبر تكذيباً لله تعالى في قوله }الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً{ (المائدة:3). فكأنه يقول بلسان حاله إن الدين لم يكمل فقد بقي منه هذه الطريقة التي أبتدعها ليتقرب بها لله جل وعلا.
البدع في العبادات أنواع:1- ما يكون في أصل العبادة، بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع، كأن يحدث صلاة أو صياماً غير مشروعين، أو أعياداً غير مشروعة؛ كأعياد الموالد وغيرها.
2- ما يكون زيادة على العبادة المشروعة، كما لو زاد فعلاً في الصلاة زائداًً عن الأفعال المشروعة، أو زيادة في عدد الأذكار المسنونة بعدد معين.
3- ما يكون في صفة أداء العبادات؛ وذلك كأداء الأذكار المشروعة بطريقة جماعية، والتشديد على النفس في العبادات إلى حد يخرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4- ما يكون بتخصيص وقت للعبادة، أو مكان لم يخصصه الشرع؛ كتخصيص يوم النصف من شعبان وليلته بصيام وقيام، أو تخصيص شهر رجب أو بعض أيامه ولياليه بأنواع عبادة، وتمييزه بذلك عن سائر الأيام والشهور.
أقسام البدع:1- منها ما هو كفر صريح؛ كالطواف بالقبور تقرباً، وتقديم الذبائح والنذور لها، ودعاء أصحابها والاستغاثة بهم.(3)
2- ومنها ما هو دون ذلك كوسائل الشرك؛ مثل البناء على القبور والصلاة والدعاء عندها، وبدعة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم.
3- ومنها ما هو معصية وهي أيضاً تتفاوت في التحريم؛ كبدعة التبتل والانقطاع للعبادة، والبدع المستحدثة؛ كالموالد والأعياد وغيرها.
موقف الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والتابعين من البدع:1- قال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفِيتم".
2- وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة".
3- جاء رجل إلى الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقال: من أين أُحرم؟ فقال: من الميقات الذي وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحرم منه. فقال الرجل؟ فإن أحرمت من أبعد منه؟ فقال مالك: لا أرى ذلك. فقال: ما تكره من ذلك؟ قال: أكره عليك الفتنة. قال: وأي فتنة في ازدياد الخير؟ فقال مالك: فإن الله تعالى يقول: }فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{ (النور:63). وأي فتنة أعظم من أنك تخصصت بفضل لم يختص به رسول الله صلى الله عليه وسلم.