[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]هذا المقال نُشر لي اليوم الاربعاء الموافق 13/8/2008م في ملحق آفاق الثقافي، التابع لجريدة الشبيبة.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تعددت وتنوعت تعريفات الثقافة،
فمنهم من ركنها إلى المبادئ والقيم، ومنهم من يركنها إلى المعارف الحديثة،
وعولمة الثقافة كتعريف في اللغة هي: الحذق والتمكن.
وهي –وإن أحتوتها الكتب – إلا أنها خاصية متفردة للذهن.
وتنتهج الثقافة تعريفات تسمو بمستوى التفكير و كمال الشخصية، وجمال الطباع،
فهي تعزز مفاهيم فطرية، ترقى بمبادئ الإنسانية، حين البعد عن مكامن الشر،التي تفسد الوجود الانساني، والبحث والتنقيب عن معاني الخير، وإحقاق الحق، ومجمل القيم والاعراف التي ترقى وتصلح الوجود الانساني،
حين جاء الأسلام، قال صلوات الله وسلامه عليه:" إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق"، أي أنه أقر ما كان عليه قومه من أخلاق حميدة تنبع من ثقافتهم آنذاك،
وذلك مفهوم للثقافة في ديننا بأنها لا تتعارض مع ما وجد من مفاهيم راقية، ومعاني إنسانية جميلة، في المجتمعات، وإنه لا باس من تداخل الثقافات حين تصب في مجمل الخير، والرقي، بالأنسانية، وتأصيل الفطرة السلمية في الافراد.
وإلمام الانسان، بما يحتاج إليه طبقا لظروف بيئته، أو تكيفه مع البيئة التي يعيش فيها، ومعرفته كذلك بمستجدات عصره، فتلك ركيزة من ركائز الثقافة.
ولا تنمو الثقافة إلا أن أمتدت جذورها اكثر وأكثر ناحية القاع، وتشبثت بها، مع الاسترسال عاليا لقطف معاني راقية ومفاهيم جديدة ذات وعي، تساعد الانسان على تأقلمه مع تقلبات ومستجدات العصر من حوله، ولكن دونما المساس بالجذر، الذي أسس ثقافته الأولى، ولا أن يتخلى عن أي مبدأ غرسته فيه فطرته السوية ، حتى لا ينزاح إلى ثقافة سلبية لا طائل من ورائها، إنما يتمركز ناحية الغرف من الثقافات الايجابية من حوله،
إذن الثقافة عملية متجددة، المعرفة الايجابية، بجل الامور حولنا، تبعا لتجدد العصر ،
مع مراعاة الجذور لها، من تراث فكري وثقافي وحضاري. حين لا تعارض تلك القيم جديدها وقديمها مع الفطرة السوية للإنسان.
إلا أنه للأسف، هناك من يعتمل مفهوم الثقافة كأداة يحارب بها القيم، بل أنه فصل مفهوم الثقافة عن أصول الفكر العربي وتعاليم الدين السمحة. وتلك هي إجترارات علمنة الثقافة، حين كانت بالمفهوم التنويري،و البعد عن الجذور، وتفريغها من لب المفاهيم الفطرية لعقائدية الفكر، حتى تبدو مجرد قشور ثقافية، لا ترقى لشيء، ولا من جذور تسندها، حين تأتي الرياح عاتية.
الإنفتاح على ثقافة الآخر، أمر لابد منه من أجل التعايش مع ذاك الآخر، ولأن العالم اصبح كالقرية الصغيرة، وإنفتح بعضه على بعض، كان لابد من تداخل الثقافات، بين شعوب العالم، ومن هنا كان نشوء ما يسمى بعولمة الثقافة، وهنا تكمن أهمية تلك العولمة.
إذ أن عولمة الثقافة، تعني إمتزاج الثقافات، ولكن لا تعني مطلقا تخلي الشعوب عن ثقافتها،
و إن غفلنا دمج حاضر عولمة الثقافة مع ماضي التراث، الفكري والحضاري تجوفت ثقافتنا، وأصبحت مجرد قشور،متراكمة تطايرت من ثقافات أخرى، وبهت مستقبل الفكر لدينا، ومستقبل ثقافتنا -التي تنولد منها الحضارة- سيصبح في مهب الريح.
العصر ، متوشح بثقافة متجددة، على الدوام، وكي يتسنى لنا مجاراة ذلك التجدد، لابد لنا من قراءة واقع ثقافتنا، وإسترسال الفكر ناحية ماضيها ونظرة متأنية لمستقبل تلك الثقافة،
فمن ثمار الثقافة التي يرجو أي مجتمع جنيها بين أفراده، هو إحياء القيم وضبط السلوك، وبناء شخصيات سوية، متأصلة الجذور.
لكننا إذا ما خفضنا رؤؤسنا، مستسلمين، لعولمة ثقافية،و ثقافة علمانية، تجث جذور ثقافتنا، فإنه بذلك، تفقد الشخصية العربية القدرة على مواجهة المؤامرات التي تُحاك حولها،
وتفقد بالتالي، هويتها، وهيمنتها حتى على ذاتها،
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]