المرأة في المجتمع الإسلامي
لا ندري بدقة متى ساء وضع المرأة في المجتمع الإسلامي؟
ومتى إنحدرت عن الوضع الذي بلغته في صدر الإسلام.
لقد كانت على عهد السلف الصالحين إنسانا يقوم بواجباته الدينية و الدنيوية قياما حسنا.
ما شأنها الجهل بالإسلام ,ولا الغفلة عن قضاياه ,ولا الإسهام في نصرته.ولا عرفت بالتقصير في صلاةأوصيام أوزكاة.
ولا عجزت عن خدمة نفسها ,وولدها,ورجلها إذاكانت من أهل الريف أوأعراب البادية,أو ساكنات المدن.
غير أننا نلحظ حالتها في القرون الأخيرة فيؤذينا ما أصابها من تبلد وإنحطاط.
فلقد نسيت واجباتهاالدينية حتى كأنها لم تخاطب بأحكام الشريعة ؟ونسيت واجباتها الدنيوية حتى كأنها خلق يعيش على هامش الحياة.
والمسؤول عن ذلـك هو الرجل ,فإن سوء فهمه للإسلام و سوء عمله به أخر الجماعة الإسلامية كلهـا وأصبحت وظيفة المرأة في نظره لا تعدو إشباع الجانب الحيواني منه.
و الجانب الحيواني في كل أمـة متخلفة شيئ لا ينسى , إن نسيت حقوق و أهدرت حدود .
و نحن إذ نستنكر وضع المرأة بيننا في القرن الحالي , إنما ذلك بالنسبة إلى حال المرأة في تاريخنا الأول .و ما يفكر فيه الأن فريق من الرجال والنساء من أن المرأة تعادل الرجل في كل شيئ ,ويجب أن لا تقل عنه في حق ما ,ليس إلا عبثا يراغم طبائع الأشياء و يصادم أحكام الدين و يؤدي إلى أوخم العواقب .
بل أنه في نظري مكر من بعض الرجال الخبثاء لإستبقاء و تنمية أحوال يذبح فيهـاالشرف وتنتهك فيها الأعراض و يدوخ لها المجتمع. فإن الله سبحانه و تعالى يقول بعد بسم الله الرحمن الرحيم (...الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالـهـم....)
ولقد بنى الإسلام الكيان الأدبي للمرأة على دعائم راسخة ولا نعرف نظـاما في الأولين والأخرين آولى النساء بهذه الرعاية و أسدى لهن هذه الكرامة سوى الإسلام . فلقد كان الناس يتهجمون لمولد الانثى وتسود وجوههم لمقدمها حتى ظهر محمد رسول الله فصان حياتها , وأحسن إستقبالها ورفع منزلتها وهي طفلة ثم وهي زوجـة ثم وهي أم وجعل الجنة تحت أقدامهـا, ومكنها من الجهاد إذا أطاقته ويسر لها الإلتحاق بخدمـة الجيش ,
وهنا نرى بأن الإسلام منح المرأة المكانة التي تستحقها لكن حسب أحكام الشريعة الإسلامية و ليس الأمر كما نعيشه اليوم , فالإسلام سوى بين الجنسين في أعمال البر كلها فأرجحهما عند الله ميزان أخلصهما فيه و أكثرهما سعيا .
وحسب الدين الإسلامي فإن العمل الأول للمرأة هو حسن تبعل الزوج أو بتعبير العصر الحاضر حسن القيام على شؤون البيت , وأحوال الأسرة وإيجادة المرأة لهذا الواجب يغنيها عن سائر الواجبات العامة إجتماعية أو سياسية .
ومن الكلمات السائرة ان وراء كل رجل عظيم إمرأة , وفي هذه الكلمة كثير من الحق فإن الرجل في حاجة إلى من تريح أعصابه وتخفف أعبائـه , وتنشطه إذا كسل بل ان كل رجل بحاجة إلى مثل هذه المرأة تشاطره مغارم الحياة ومغانمها.
لكن هيهات فلقد ساء وضع المرأة في القرون الأخيرة مع جمـود العقل الإسلامي وضياع نضرته وسيطرة الأوهام على إتجـاهـاته ولا عجب فهل كان يرجى بقاء المرأة في المكانة التي بوأها الإسلام إيـاهـا مع إنحدار المجتمع كله ؟ وذهول الرجال عن وظيفتهم في الحياة وغيبوبة الأمة كلها عن وعيهـا ؟
إن تعاليم الإسلام تقلصت في ميادين شـتى , فليس بغريب أن تتقلص في العلاقات بين الجنسين .
فقد شاع بين العوام حديث مفاده أن المرأة لا يجوز أن ترى الرجل أو أن يراها هو , وهذا هراء وإفتراء على الله ورســولـه .
بل أن الدارس لتعاليم الدين يستيقن أن المسجد الجامع كان يضم صفوفا من الرجال و النساء في الفرائض الخمس وأن النساء كن يرين الرجال و الرجال كانوا يرون النساء , ولكن في حدود ما أمر به الله تعالى من غض للبصر و أداب العفاف .
الحق أن المرأة تأخرت تأخرا شنيعا في عدة قرون , والذين أخروها ألغوا رسالة الإسلام عندها وأسقطوا عنها حق التعلم والعبادة , والإدراك السديد لحقيقة الديـن وحقيقة الدنيا و واجباتها .
و في الأخير فإنني مع غيري من أهل الإيمان , نريد أن تشرك المرأة في الحياة العامة أي أن تحمل نصيبها الصحيح من أعمـالـهـا التي تتقنها بطبيعتها , لأن للمرأة حق في التعلم و العمل و هذا تحت نطاق الشريعة الإسلامية فإن الله كلفها بجزء ضخم من بناء المجتمع ـ كما يكلف الرجل ـلكن الحضارة الحديثة التي رأيناها في بلادنا جعلت المرأة بلاء على المجتمع و رجـس في جنبـاتـه .
إننا نبغي لأمتنا حياة شريـفة يعمل فيها الجنسان و أمامهما قول الله تعالى (...فأستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر و أنثى , بعضكم من بعض ...)الأيـة 15 من سورة آل عـمران .
و في الأخـير لا نريـد من أحد أن يخيرنا بين شرين :
الأول: حبس المرأة في البيت حتى تدخل القبر .
الثاني : إطلاقها في الطريق تعربد وتفسد .
فالإسلام غير هــذا و غير ذلـــــك ............