عندما نقرأ القرآن لا نجد ذكراً لحواء أبداً (الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) لم يستعرض خلق حواء كما أفرد لخلق آدم في سبع سور وكل سورة فيها إختلاف. ليس في القرآن شيء عن حواء
بين يدي الحديث عن خلق حواء عليها السلام، وهي أم البشر يطيب لي أن أتحدث عن خلق آدم عليه السلام؛ فهو أبو البشرية وأصلها، خلقه الله تعالى ثم خلق منه حواء ومنهما كانت البشرية جمعاء.
ولقد تحدث القرآن الكريم عن خلقه عليه السلام في مواضع كثيرة ولمناسبات متعددة، والمتأمل في تلك الآيات الكريمة التي ورد الحديث فيها عن خلق آدم عليه السلام، يجدها تتناول تلك المراحل والأطوار التي مر بها خلقه.
قال تعالى في سورة آل عمران: (إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) فإذا كان خلق عيسى عليه السلام ـ من غير أب ـ آية عجيبة فإن خلق آدم عليه السلام من تراب آية عجاب، فعيسى عليه السلام خلق من غير أب وآدم عليه السلام، خلق من غير أب ومن غير أم.
وقال عز وجل في سورة (ص): (إذْ قَالَ رَبُّكَ لِلمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ) وقال سبحانه في سورة الصافات: (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ) أي من طين لزج متماسك.
قال الإمام الطبري: [طين لازب أي لاصق وإنما وصفه جل ثناؤه باللزوب لأنه تراب مخلوط بماء، والتراب إذا بماء صار طيناً لازباً].
وقال تعالى في سورة الحجر: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَأ مَّسْنُونٍ) وقال سبحانه في سورة الرحمن: (خَلَقَ الإِنْسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) والصلصال هو الطين اليابس الذي يصلصل، وإذا أدخل النار أو تعرض مدة للشمس صار فخاراً، أما الحمأ فهو الطين الذي اسود وتغير من طول ملازمته الماء، والمسنون المصور، وقيل المصبوب المفرغ، أي أفرغ صورة إنسان كما تفرغ الصور من الجواهر المذابة في قوالبها، وقيل: المسنون هو المتغير الرائحة ومنه قوله تعالى (فَانظُرْ إلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ) أي لم يتغير مع مضي مائة عام عليه.
وآدم عليه السلام هو أصل البشر، أما حواء: فهي فرع منه وتبع له وقصتها جزء من قصته، ولقد جاء الحديث عنها في القرآن الكريم بصورة ضمنية تبعية، وورد الحديث عن خلقها في آيات متعددة وفيما يلي بيان ذلك:
وقفة مع الآيات التي ورد الحديث فيها عن خلق حواء عليها السلام:
أولاً: (يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ أنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً).
وقفة مع هذه الآية الكريمة:
بدأت سورة النساء بهذه الآية الكريمة التي استهلت بهذا الخطاب الموجه للناس جميعاً (يَأَيُّهَا النَّاسُ) وكان التوجيه الأول في هذه السورة هو دعوة الناس جميعا إلى تقوى الله عز وجل (اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) فالتقوى هي أساس كل خير، وهي عصمة ووقاية من كل سوء، والناس جميعاً مأمورون بتقوى الله عز وجل الذي خلقهم (مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) هي نفس آدم عليه السلام (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) هي حواء خلقت من أحد أضلاع آدم عليه السلام.
[و(من) في قوله تعالى (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) تفيد التبعيض؛ لأن حواء خلقت من بعض آدم عليه السلام ويجوز أن تكون (من) بيانية لأن حواء خلقت من جنس آدم، وخلقها الله من جنسه لتتحقق الألفة والوئام والمودة، والانسجام؛ لأن الجنس إلى الجنس أميل.]
وفي السنة النبوية ما يدل على أن حواء خلقت من ضلع آدم عليه السلام.
*روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك عن طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها".
وصفوة القول فيما سبق أن حواء عليها السلام خلقت من ضلع من أضلاع آدم عليه السلام بكيفية لا نعلمها، وإنما نفوض علمها إلى الله عز وجل، وقد اختلفت طبيعة المرأة عن طبيعة الرجل نظراً لاختلاف مهمة كلٍّ في الحياة، وفي الحديث السابق وصية بالنساء ودعوة إلى الصبر عليهن والترفق بهن ومراعاة طبيعتهن، ولا يعني خلق حواء من ضلع آدم أن تكون أضلاع آدم ناقصة عن أضلاع حواء ـ كما ذكر ذلك بعض المفسرين ـ وإنما الصواب أن عدد أضلاع الرجل مساوية بعدد أضلاع المرأة.
يقول الإمام فخر الدين الرازي ـ في تفسيره مفاتيح الغيب [.. الذي يقال: إن عدد أضلاع الجانب الأيسر أنقص من عدد الجانب الأيمن فيه مؤاخذة تبين عن خلاف الحس والتشريح].
ويقول الأستاذ الدكتور محمد متولي إدريس: [وليس معني ما ورد في الصحيح أن المرأة خلقت من ضلع إن جرينا على ظاهر اللفظ أن تكون أضلاع الرجل قد نقصت ضلعاً من أي ناحية، وإنما يكون المعنى: أن الله خلقها من ضلع والضلع باقية على حالها، لم تنقص شيئاً، وهذا يدل على عجيب قدرته تعالى].
*عود إلى تفسير الآية الكريمة (الآية الأولى من سورة النساء)
وقوله تعالى: (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً) أي فرق ونشر في أرجاء الأرض منهما رجالاً كثيراً ونساء كثيرات، وفي الآية إشارة إلى اتحاد أفراد الإنسان من حيث الحقيقة، وأنهما على كثرتهم رجالاً ونساء فإنهم قد نشأوا من أصل واحد، فصاروا كثيراً على ما هو ظاهر قوله تعالى: (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً).
*يقول الإمام الطبرسي في تفسيره: [وإنما منّ علينا تعالى بأن خلقنا من نفس واحدة؛ لأنه أقرب إلى أن يعطف بعضنا على بعض ويرحم بعضنا بعضاً؛ لرجوعنا إلى أصل واحد ولأن ذلك أبلغ في القدرة وأدل على العلم والحكمة].
*ويقول الإمام ابن كثير [... ولهذا ذكر الله تعالى أن أصل الخلق من أب واحد وأم واحدة ليعطف بعضهم على بعض ويحننهم على ضعفائهم، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه أولئك النفر من مضر وهم مجتابوا النِّمار (أي ممزقي الثياب) ـ أي: من عريهم وفقرهم؛ قام فخطب بعد صلاة الظهر وقال في خطبته: "(يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) حتى ختم الآية ثم قال (يَأَيُّهَا الَّذِينَ أمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ)" ثم حضهم على الصدقة فقال: "تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بِشِقِّ تمرة"، قال: فجاء رجل من الأنصار بِصُرَّةٍ كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت، ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مُذْهَبَةٌ].
فأين الخطأ هنا مع كل هاته البراهين القرأنية اخواني
الكل يقول أن حواء خلقت من ادم وخير دليل هنا هم إسمها حواااااااااااااء
أتمنى أن تكون هذه الادلة بمثابة برهان على خطأ الأقوال التي تنفي هذا
والسلام ختااااااااااام