زهرة بلادي كبار الشخصيات
تاريخ التسجيل : 22/06/2008 عدد الرسائل : 2154 تاريخ الميلاد : 02/07/1982 العمر : 42 syria المـــــــزاج : المهنة : الهواية : الجنسية : سورية الدعــــــــــــــاء :
بطاقة الشخصية البلد: الهواية: (50/50)
| موضوع: سمكة الكاف العجيبة الأحد أغسطس 03, 2008 7:38 pm | |
| الكاف الكاف سمكة كبيرة جدا منظرها مخيف وهي نادرة الوجود
عندما بلغ ستيفانو روا الثانية عشرة من عمره طلب من أبيه الذي كان قبطانا للرحلات الطويلة وصاحبا لمركب شراعي جميل ان يصطحبه في رحلة تكون هدية الأب الى ابنه ثم قال له: أود ان اذهب حين اكبر الى البحر مثلك وأقود مراكب اكبر من مراكبك وأكثر جمالا. فأجاب الأب: ليباركك الله يا صغيري! وبما ان سفينته كانت تتهيأ للإقلاع في اليوم ذاته فقد اصطحب الغلام في الرحلة كان نهاراً رائعاً مشمساً والبحر ساكناً كان ستيفانو الذي لم يصعد ظهر مركب من قبل يركض سعيداً على السطح المناورات المعقدة للأشرعة. وكان يطرح عديداً من الأسئلة على البحارة فيجيب على استفساراته باسمين. ولدى وصول الغلام إلى مؤخرة السفينة توقف حائراً يراقب شيئاً كان ينبثق أحياناً على بعد 200 أو 300 متراً تقريباً في الخط الذي يخلفه المركب وراءه. وعلى الرغم من أن السفينة كانت تجري مسرعة تدفعها ريح مواتية، فقد كان هذا الشيء يحافظ على المسافة ذاتها. وعلى الرغم من أن الغلام لم يفهم طبيعته فقد كان فيه ما يخلب لبه. أما الأب، الذي لم يعد يرى ستيفانو وكان قد ناداه دون جدوى، فقد ا\غادر مقصورة القيادة ليبحث عنه. وحين أبصره عند مؤخرة السفينة واقفاً يحدق في الأمواج سأله: - ستيفانو! ما الذي يجعلك تقف متسمراً هناك؟ - بابا، تعال وانظر. اقترب الأب ونظر هو أيضاً في الاتجاه الذي كان يشير إليه الغلام، ولكنه لم ير شيئاً على الإطلاق. قال الطفل: هناك شيء أسود يتراءى من وقت آخر في الخط وراء المركب، ويتبعنا. قال الأب: عمري أربعون عاماً، وأعتقد أن بصري ما يزال قوياً، ولكني لا ألاحظ أبداً أي شيء. ولما رأى الحاج ابنه ذهب وأحضر منظاره وأخذ ينظر إلى البحر في اتجاه الخط خلف المركب. ورآه ستيفانو يشحب: - ماذا هناك؟ ولماذا امتقع وجهك؟ قل لي يا أبي. - صاح القبطان: - أوه! ليتني لم أصغ إلى كلامك؟ سأهتم من الآن هماً عظيماً من أجلك. ما تراه ينبثق من الماء ويتبعنا ليس شيئاً، ولكنه كاف حقاً. إنه الوحش الذي يخافه ملاّحو كل البحار في العالم. إنه قرش مخيف وغامض وأكثر مكراً وذكاءً من الإنسان. ولأسباب لا يعرفها أحد. وربما إلى الأبد، فإنه يختار فريسته. ومتى اختارها تبعها سنوات وسنوات وربما الحياة كلها إن اقتضى الأمر، حتى تحين اللحظة فينجح في افتراسها. والأمر الأكثر غرابة أنه لا أجد يستطيع أن يراه إلا الضحية القادمة أو أحداً من أسراتها. - لا ... لا ... لم أشاهد من قبل هذا الوحش، ولكن حسب الأوصاف التي سمعتها، غالباً، عرفته على الفور. هذا الخطم الذي يشبه خطم البيزون، تشنجية، هذه الأسنان الرهيبة .. ستيفانو! ليس هناك من شك وا أسفاه! الكاف وقع اختباره عليك، ولن يدعك لحظة واحدة طالما أنت في البحر. اصغ إلي جيداً يا صغيري: سنعود حالاً إلى الميناء وتنزل، ولا تخاطر أبداً مرة أخرى بتجاوز الشاطئ، لأي سبب كان، عليك أن تعاهدني. مهنة البحر لم تخلق لك يا ولدي. عليك أن تتقبل هذا الأمر. وعلى الأرض يمكنك أن تصبح ثرياً أيضاً. قال ذلك، وأمر على الفور أن يقوم المركب بنصف دورة ويعود إلى الميناء. وبحجة مرض مفاجئ أنزل ابنه، ومضى من دونه. بقي على الشاطئ الرملي مضطرباً اضطراباً عظيماً، حتى غاب طرف أعلى الصارية في الأفق. وعلى بعد كان يرى نقطة صغيرة سوداء تظهر من وقت لآخر: لقد كان الكاف، صاحبه، يجول في كل اتجاه، ينتظر بإصرار. ومنذ هذه اللحظة اتخذ والده كل السبل لقهر ما يحسه الغلام من جذب نحو البحر. وأرسله لتعلم في مدينة داخلية على بعد مئات الكيلومترات من هناك. وخلال وقت قصير غله هذا الوسط الجديد، فم يعد يفكر في الوحش البحري. غير أنه في العطلة الصيفية عاد إلى البيت، ولم يستطع أن يقاوم نفسه، حين تهيأ له وقت فراغ، من الجري إلى طرف الميناء ليتحقق من شيء بدا له دون طائل، ومثير للسخرية في حقيقة الأمر. فبعد زمن طويل، وعلى افتراض أن القصة التي رواها والده كانت صحيحة، فلا شك أن الكاف قد عدل عن الهجوم. ولكن ستيفانو وقف ذاهلاً، مضطرب القلب، فعلى بعد مئتين أو ثلاثمائة متر تقريباً من الرصيف، والبحر في حالة المد، كان الحيوان المشئوم يجول ببطء، ويخرج رأسه من الماء من وقت لآخر، وينظر نحو الشاطئ كأنما ليرى مجيء ستيفانو أخيراً. عند ذاك غدت فكرة هذا المخلوق العدو الذي ينتظره ليل نهار وسواساً سرياً لستيفانو. ففي المدينة البعيدة، يحدث له الآن أن يستيقظ في الليل قلقاً هو في مكان أمين أجل فمئات الكيلومترات تفصله عن الكاف ومع ذلك فإنه يعلم وراء الجبال وراء الغابات وراء السهول ثمة قرشاً يداوم على انتظاره وحتى لو ذهب ليعيش في أبعد القارات فإن الكاف يرصده من أقرب البحيرات لهذا العناد الصلب. واصل ستيفانو الذي كان جاداً وطموحاً دراسته في اهتمام كبير حين بلغ مبلغ الرجال وجد عملاً مجزياً وهاماً في أحد المشروعات في المدينة كان والده قد مات بسبب مرض ألم به وباعت أرملته الشراع البديع ووجد الابن ثروة طائلة رهن إشارته العمل الصداقات التسليات الحب الأول: كانت حياة ستيفانو من الآن فصاعداً قد خطت طريقها غير أن ذكرى الكاف عذبته كسراب مشؤوم وساحر في الوقت ذاته وكانت تستعر بمرور الأيام من حيث كان ينبغي أن تطفئ. السرور الذي تبعثه في المرء حياة عمل وراحة وهدوء عظيم بلا شك، ولكن نداء الهاوية أقوى. فما أن بلغ ستيفانو الثانية والعشرين من عمره حتى عاد إلى مسقط رأسه مودعاً أصدقاء المدينة تاركاً وظيفته فيها وأنبأ أمه عن عزمه على ممارسة مهنة أبيه واستقبلت الأم الشجاعة التي لم يخبرها ستيفانو بكلمة عن القرش السحري هذا القرار بفرح كبير وكان يتراءى لها في أعماقها إن هجرة ابنها للبحر إلى المدينة فيما مضى نوع من التخلي عن التقاليد الأسرية. بدأ ستيفانو حياة الملاحة مظهراً كفاءة عالية في عمل البحر مقاومة للتعب وجرأة نادرة كان يبحر دون توقف وفي الخط الذي يخلفه المركب ليل نهار وفي هدوء البحر واضطرابه كان الكاف يجري ورائه. من هنا كانت لعنته وقضاؤه المحتم كان يعلم ذلك ولكنه لهذا السبب بالضبط ربما لم يجد القوة ليتخلى عن مصيره ولم يكن أحد ممن على المركب إلا هو يرى الوحش. وكان يسأل أصحابه أحياناً مشيراً إلى الخط خلف المركب: - ألا ترون شيئاً في تلك الناحية هناك؟ - لا .. لا نرى أي شيء أبداً .. لماذا؟ - لا أدري .. يخيل إلي .. وكانوا يضحكون ساخرين وهم يلمسون الحديد: - ألا تكون قد رأيت واحداً من الكاف مصادفة؟ - لماذا تضحكون؟ لماذا تلمسون الحديد. - لأن الكاف حيوان لا يغفر. إذا تعقب مركباً فهذا يعني أن واحداً منا هالك لا محالة. ولكن ستيفانو لم يكن يهتم للأمر. بدا وكأن التهديد المستمر الذي يتعقبه يضاعف رغبته وهواه إلى البحر، ويثير حماسته في ساعات الخطر والعراك. وعندما أحس بأنه امتلك المهنة جيداً اشترى بميراثه عن أبيه مركباً ساحلياً مناصفة مع شريك ثم أصبح المالك الوحيد له. وبفضل سلسلة من الشحنات الموفقة استطاع أن يشتري سفينة شحن حقيقية يدفعه دائماً طموح إلى المضي قدماً ولكن النجاح والملايين لم تستطع أن تطرد عن خاطره هذا الوسواس المستمر. ولم يفكر لحظة واحدة في أن يبيع المركب وأن يتوقف عن الإبحار ويلقي بنفسه في لجة أعمال أخرى. الإبحار .. الإبحار .. ذاك همه الوحيد فما يكاد يلامس اليابسة في مرفأ ما بعد أشهر طويلة في البحر حتى يدفعه نفاذ الصبر إلى الرحيل من جديد وكان يعلم أن الكاف ينتظره في عرض البحر وأن الكاف يعني الهلاك وما في اليد حيلة دافع لا يقهر يجره دون توقف من محيط إلى محيط. إلى أن جاء يوم على حين غرة اكتشف فيه ستيفانو أنه أصبح عجوزاً .. عجوزاً ... جداً ولم يكن أحد ممن يحيطون به يستطيع أن يفسر لماذا يأبى غني مثله أن يغادر حياة البحر اللعينة عجوز وتعس بمرارة لأنه أفنى عمره برمته في هذا الهروب الجنوني عبر البحار لينجو من عدوه ولكن إغراء الهاوية كان أقوى بالنسبة إليه من سعادات حياة مريحة هادئة. وذات مساء .. وبينما كان مركبه الرائع راسياً في الميناء مسقط رأسه أحس بأن نهايته قد أوشكت فاستدعى القبطان الذي يثق به ثقة تامة وطلب إليه ألا يعارضه في ما سيحاوله فوعده الآخر بشرفه. وما أن حصل ستيفانو على هذا الضمان حتى راح إلى القبطان الذي كان يصغي إليه مشدوداً بقصة الكاف الذي داوم على ملاحقته حوالي خمسين عاماً دون جدوى قال له: - لقد واكبني من طرف إلى آخر من العالم بوفاء لا يستطيعه حتى أعز الأصدقاء. وأنا الآن على حافة الموت. وهو أيضاً بلا شك قد كبر كثيراً ونال منه التعب. لن أخيب انتظاره! قال ذلك ثم دعا صاحبه وأنزل زورق إنقاذ إلى البحر واستقر فيه بعد أن أخذ لنفسه خطافاً وأعلن: - الآن ... أنا ذاهب إلى ملاقاته حتى لا أخيب ظنه ليس إلا ... ولكني سأقاتل بأقسى ما تبقى لدي من قوة. وابتعد بضربات المجاديف ورآه البحارة يغيب هناك، فوق البحر الساكن في ظلام الليل، في سماء بدا فيها الهلال. لم يجدف طويلاً. فجأة برز خطم الكاف البشع في اتجاه الزورق. قال ستيفانو: قررت أن آتي إليك والآن .. ها نحن أولاء وجهاً لوجه. وعند ذلك جمع آخر قواه، ولوح بالخطاف ليضرب. خار الخطاف بصوت متوسل: - بوهو .. هو! أي طريق طويلة كان علي اجتيازها حتى ألتقي بك! أنا أيضاً قد أنهكني التعب .. كم جعلتني أسبح! وأنت الذي كنت تهرب .. تهرب .. أنت لم تفهم شيئاً على الإطلاق! .. قال ستيفانو ملسوعاً: - أفهم ماذا؟ - تفهم أني لا أطاردك حول الأرض لألتهمك كما كنت تظن. ملك البحار كلفني فقط أن أعطيك هذه. وأخرج القرش لسانه وقدم إلى البحارة العجوز كرة صغيرة فوسفورية أخذها ستيفانو بين أصابعه وفحصها كانت لؤلؤة ذات شكل مدهش وعرف فيها عند ذاك لؤلؤة البحر الشهيرة التي تهب إلى من يحوزها الثروة والقوة والحب وسلام الروح ولكن الآن قد فات الأوان. قال وهو يهز برأسه في حزن: - واأسفاهَ! شيء لا يغتفر! لقد نجحت فقط في إفساد حياتي وحياتك. أجاب الكاف: - وداعاً أيها الرجل المسكين. وغرق إلى الأبد في المياه السود. وبعد شهرين دفعت الأمواج بزورق صغير إلى الصخور البحرية الحادة، شاهده بعض الصيادين فاقتربوا منه حائرين كان هيكل مبيض جالساً فيه سلاميات الرفيعة تشد على حصاة صغيرة مكورة. | |
|
رحال عضو شرف
تاريخ التسجيل : 05/07/2008 عدد الرسائل : 267 تاريخ الميلاد : 27/02/1967 العمر : 57 قطر الدعــــــــــــــاء :
| موضوع: رد: سمكة الكاف العجيبة الثلاثاء أغسطس 05, 2008 6:26 am | |
| تسلمي موضوع كثير رائع بارك الله فيك تقبلي مروري | |
|