منتديات الواحة الخضراء
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 120114094433CPvU
تمّهل .. أيها
المُنعطِف إلى هذا المكان ..
لا تُسرع .. خُذ نفساً ..
اشتمّ عبق الفصول الأربعة ..
رتّب الورود معنا .. ايقظ الحزن ..
داعب الأمل .. لحنّ الأنين ..
حركّ السكون.. هناك دائماً مُتسعٌ للبقاء ..
امسك القلم .. اختر جداراً .. اترك أثراً عليه .. كلمة .. حرفاً ..
أو همزة وصلٌ بيننا .. لا تعبُر هكذا ..
اوقد قنديلاً في مجلسنا "
لهذا ندعوك الى التسجيل معنا
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 38810
]
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 1201140944452sVd
منتديات الواحة الخضراء
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 120114094433CPvU
تمّهل .. أيها
المُنعطِف إلى هذا المكان ..
لا تُسرع .. خُذ نفساً ..
اشتمّ عبق الفصول الأربعة ..
رتّب الورود معنا .. ايقظ الحزن ..
داعب الأمل .. لحنّ الأنين ..
حركّ السكون.. هناك دائماً مُتسعٌ للبقاء ..
امسك القلم .. اختر جداراً .. اترك أثراً عليه .. كلمة .. حرفاً ..
أو همزة وصلٌ بيننا .. لا تعبُر هكذا ..
اوقد قنديلاً في مجلسنا "
لهذا ندعوك الى التسجيل معنا
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 38810
]
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 1201140944452sVd
منتديات الواحة الخضراء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
fifi farida
عضو فضي
عضو فضي
fifi farida


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2010
عدد الرسائل عدد الرسائل : 714
تاريخ الميلاد : 23/12/1987
العمر : 36
المـــــــزاج : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 310
المهنة : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Studen10
الهواية : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Readin10
الجنسية : جزائرية
الدعــــــــــــــاء الدعــــــــــــــاء : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Nawasr10

بطاقة الشخصية
البلد:
الهواية:
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Left_bar_bleue50/50قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Empty_bar_bleue  (50/50)

قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Empty
مُساهمةموضوع: قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية   قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 1%20(13)الثلاثاء يناير 04, 2011 1:11 pm



قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 654144685

[SIZE="7"]بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاه والسلام على اخر الانبياء والمرسلين (محمد) صلى الله عليه وسلم

1.# قصة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)

"سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم"


هو خاتم رسل الله وأنبيائه، وقد أرسله الله إلى الناس كافةً، برسالةٍ عامةٍ شاملةٍ.
قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ
رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمًا} [الأحزاب: 40].
وقال تعالى خطاباً لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ
إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ
لا يَعْلَمُونَ} [سبأ: 28].


* نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم:
هو سيدنا محمد، واسمه في الإِنجيل أحمد.
1- ابن عبد الله، وهو أصغر أولاد عبد المطلب العشرة.
2- ابن عبد المطَّلب - واسمه شيبة الحمد لأنه ولد وله شيبة - وإنما قيل له:
عبد المطلب، لأن عمه المطَّلب أردفه خلفه وكان بهيئة رثة لفقره، فقيل له:
من هذا؟ فقال: عبدي، حياء ممن سأله!!
3- ابن هاشم - واسمه عمرو - وسمي هاشماً: لأنه خرج إلى الشام في مجاعة
شديدة أصابت قريشاً، فاشترى دقيقاً وكعكاً، وقدم به مكة في الموسم، فهشم
الخبز والكعك، ونحر جُزُراً وجعل ذلك ثريداً، وأطعم الناس حتى أشبعهم.
4- ابن عبد مناف - واسمه المغيرة - وكان يقال له: قمر البطحاء لحسنه وجماله، ومناف: اسم صنم.
5- ابن قصيّ - واسمه زيد - ولقب بقصي: لأنه أُبعد عن أهله ووطنه مع أمه بعد
وفاة أبيه. ويقال له: مُجمّع لأن الله جمع به القبائل من قريش في مكة بعد
تفرقها.
6- ابن كلاب - واسمه حكيم، وقيل: عروة - ولُقِّب بكلاب: لأنه كان يكثر الصيد بالكلاب.
7- ابن مُرّة وهو الجد السادس لأبي بكر الصديق رضي الله عنه.
8- ابن كعب وقد كان يجمع قومه يوم العروبة - أي: يوم الرحمة، وهو يوم
الجمعة - فيعظهم ويذكرهم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وينبئهم بأنه من
ولده، ويأمرهم باتباعه.
9- ابن لؤي ولؤي تصغير لأي، وهو الثور الوحشي.
10- ابن غالب.
11- ابن فهر وكان كريماً يفتش عن ذوي الحاجات فيحسن إليهم، وفهر: اسم للحجر على مقدار ملء الكف.
12- ابن مالك.
13- ابن النَّضْر وهو قريش فمن كان من ولده فهو قرشي، ومن لم يكن من ولده
فليس بقرشي. والنضر في اللغة: الذهب الأحمر. وقيل: قريش هو فهر بن مالك.
14- ابن كنانة.
15- ابن خزيمة.
16- ابن مُدرِكة.
17- ابن إلياس وكان في العرب مثل لقمان الحكيم في قومه.
18- ابن مُضَر وكان جميلاً لم يره أحد إلاَّ أحبه، وله حِكَمٌ مأثورةٌ.
والمضر في اللغة: الأبيض. ومضر من ولد إسماعيل باتفاق جميع أهل النسب.
19- ابن نِزار وكان أجمل أهل زمانه، وأرجحهم عقلاً. ونزار في اللغة مأخوذة من النزارة، وهي القلة.
20- ابن مَعَدّ وقد كان صاحب حروب وغارات، ولم يحارب أحداً إلاَّ رجع بالنصر. ومعدُّ: مأخوذ من تمعدد، إذا اشتد وقوي.
21- ابن عدنان.
وعند عدنان يقف ما صحَّ من سلسلة نسب الرسول صلى الله عليه وسلم، فعن ابن
عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغ نسبه الكريم إلى
عدنان قال: من ههنا كذب النسّابون.
وكل هؤلاء الجدود سادة في قومهم، قادةً أطهاراً، ونسب الرسول صلى الله عليه وسلم أشرف الأنساب.
ولا يختلف النسّابون في نسب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى عدنان،
وإنما اختلفوا من عدنان إلى إسماعيل، ومن المجمع عليه - الحقّ الذي لا ريب
فيه -: أن نسبه عليه الصلاة والسلام ينتهي إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما
السلام.
وأمه صلى لله عليه وسلم: هي آمنة بنت وهبٍ بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن
مرة.. وهكذا حتى آخر سلسلة نسب الرسول صلوات الله عليه، فتجتمع هي وزوجها
عبد الله في كلاب.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم خيار من خيار من خيار.
فعن العباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله خلق
الخلق فجعلني من خيرهم، من خير قرنهم، ثمّ تخيَّر القبائل فجعلني من خير
قبيلةٍ، ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفساً وخيرهم
بيتاً".
وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة،
واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني
هاشم".


* حياته صلى الله عليه وسلم:
1- ولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين (9) من شهر ربيع الأول
عام الفيل، وذلك حوالي سنة (570م)، أي قبل الهجرة بنحو (53) سنة.
2- وتزوج بخديجة لما بلغ من العمر (25) سنة.
3- وأوحى الله إليه لما بلغ عمره أربعين سنة، وذلك حوالي سنة (610م).
4- وأمره الله بتبليغ ما أُنزل إليه بعد نحو ثلاث سنين من نبوته، فقام يدعو
إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولبث يدعو إلى الله في مكة وما حولها
نحواً من عشر سنين بعد بعثته، حتى أذن الله له بالهجرة إلى يثرب (المدينة
المنورة).
5- فهاجر إليها وجعلها مركز دعوته، وعاصمة دولته الدينية، دولة الإِسلام،
وكان ذلك في 12 من ربيع الأول للسنة الأولى من حساب السنوات الهجرية، التي
يوافق أولها (16 تموز 622م).
6- ولما أكمل الله للناس دينهم، وأتم عليهم نعمته، وأدى رسوله محمد صلوات
الله عليه الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وفتح الله عليه بالنصر
المبين، اصطفاه الله فقبض روحه، وكان ذلك في يوم الاثنين 12 من ربيع الأول
لسنة 11 من الهجرة، الموافق (7 حزيران 632م). هذا ما عليه الجمهور، واستشكل
كونه يومَ الاثنين إذ كان يوم عرفة في حجة الوداع يوم الجمعة باتفاق فلا
يكون الثاني عشر من ربيع الأول يوم الاثنين، وعليه فإمّا أن يكون الخطأ في
تعيين اليوم، أو في تحديد التاريخ.
7- وأما سيرته وغزواته وسائر ما يتعلق بحياته فمبسوطة محققة في كتب السيرة
النبوية، وقد تعرض القرآن الكريم إلى القسم الأعظم من حياته صلى الله عليه
وسلم بعد الرسالة، والعقيدة الإِسلامية التي نحن بصدد البحث فيها بأصولها
وفروعها، هي الفلسفة الكاملة للجانب الإِيماني الإعتقادي مما جاءنا به هذا
الرسول العظيم.

.................................................. .........................

[size=25].2 قصة إدريس عليه السلام[/

SIZE]


[/size]


"إدريس عليه السلام"

قال الله تعالى بشأنه: {وَاذْكُرْ فِي
الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ
مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 56-57].
وقد جاء في صحيحي (البخاري ومسلم) في حديث المعراج:
"ثم صعد بي - أي جبريل – حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح، قيل: من هذا؟
قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم، قيل:
مرحباً به فنعم المجيء جاء. ففُتح. فلما خلصتُ فإذا إدريس، فقال: هذا
إدريس فسلِّم عليه، فسلّمت عليه، فردّ ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي
الصالح".

*نسب إدريس:
ويذكر النسّابون أنه: إدريس عليه
السلام بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن (شيث عليه السلام) بن (آدم
عليه السلام). والله أعلم.
وإدريس عند العبرانيين: (حنوخ) أو (خنوخ)، وعُرِّب: (أخنوخ).

* أقوال المؤرِّخين في ديانته ومن ينتسب إليها:
يقول المؤرخون: إن أمة السريان أقدم
الأمم، وملتهم هي ملة الصابئين - نسبة إلى صابي أحد أولاد شيث -، ويذكر
الصابئون أنهم أخذوا دينهم عن شيث وإدريس، وأن لهم كتاباً يعزونه إلى شيث
ويسمونه: "صحف شيث"، ويتضمن هذا الكتاب على ما يذكرون الأمرَ بمحاسن
الأخلاق، والنهي عن الرذائل.
وأصل دينهم التوحيد وعبادة الخالق جل وعلا، وتخليص النفوس من العذاب في
الآخرة بالعمل الصالح في الدنيا، والحض على الزهد في الدنيا، والعمل
بالعدل، وبعد ذلك أحدثوا ما أحدثوا في دين الله وحرفوا.
وكانت مدة إقامة إدريس عليه السلام في الأرض(82) سنة ثم رفعه الله إليه


.................................................. ................................

3 إسماعيل عليه السلام


نبذة:


هو ابن إبراهيم البكر وولد السيدة
هاجر، سار إبراهيم بهاجر - بأمر من الله - حتى وضعها وابنها في موضع مكة
وتركهما ومعهما قليل من الماء والتمر ولما نفد الزاد جعلت السيدة هاجر تطوف
هنا وهناك حتى هداها الله إلى ماء زمزم ووفد عليها كثير من الناس حتى جاء
أمر الله لسيدنا إبراهيم ببناء الكعبة ورفع قواعد البيت، فجعل إسماعيل يأتي
بالحجر وإبراهيم يبني حتى أتما البناء ثم جاء أمر الله بذبح إسماعيل حيث
رأى إبراهيم في منامه أنه يذبح ابنه فعرض عليه ذلك فقال "يا أبت افعل ما
تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين" ففداه الله بذبح عظيم، كان إسماعيل
فارسا فهو أول من استأنس الخيل وكان صبورا حليما، يقال إنه أول من تحدث
بالعربية البينة وكان صادق الوعد، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة، وكان
ينادي بعبادة الله ووحدانيته.


المسيرة
سيرته:

الاختبار الأول:



ذكر الله في كتابه الكريم، ثلاث مشاهد
من حياة إسماعيل عليه السلام. كل مشهد عبارة عن محنة واختبار لكل من
إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. أول هذه المشاهد هو أمر الله سبحانه
وتعالى لإبراهيم بترك إسماعيل وأمه في واد مقفر، لا ماء فيه ولا طعام. فما
كان من إبراهيم عليه السلام إلا الاستجابة لهذا الأمر الرباني. وهذا بخلاف
ما ورد في الإسرائيليات من أن إبراهيم حمل ابنه وزوجته لوادي مكة لأن سارة
-زوجة إبراهيم الأولى- اضطرته لذلك من شدة غيرتها من هاجر. فالمتأمل لسيرة
إبراهيم عليه السلام، سيجد أنه لم يكن ليتلقّى أوامره من أحد غير الله.

أنزل زوجته وابنه وتركهما هناك، ترك معهما جرابا فيه بعض الطعام، وقليلا من الماء. ثم استدار وتركهما وسار.

أسرعت خلفه زوجته وهي تقول له: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه شيء؟

لم يرد عليها سيدنا إبراهيم وظل يسير.. عادت تقول له ما قالته وهو صامت..
أخيرا فهمت أنه لا يتصرف هكذا من نفسه.. أدركت أن الله أمره بذلك فسألته:
هل الله أمرك بهذا؟


فقال إبراهيم عليه السلام: نعم.


قالت زوجته المؤمنة العظيمة: لن نضيع ما دام الله معنا وهو الذي أمرك بهذا.

وسار إبراهيم حتى إذا أخفاه جبل عنهما وقف ورفع يديه الكريمتين إلى السماء وراح يدعو الله:

رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ
عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ
أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ
الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) (إبراهيم)

لم يكن بيت الله قد أعيد بناؤه بعد، لم تكن الكعبة قد بنيت، وكانت هناك
حكمة عليا في أمر الله سبحانه لإبراهيم، فقد كان إسماعيل -الطفل الذي
تُرِكَ مع أمه في هذا المكان- ووالده من سيكونان المسؤولان بناء الكعبة
فيما بعد.. وكانت حكمة الله تقضي أن يسكن أحد في هذا الوادي، لميتد إليه
العمران.

بعد أن ترك إبراهيم زوجته وابنه الرضيع في الصحراء بأيام نفد الماء وانتهى الطعام، وجف لبن الأم.. وأحست هاجر وإسماعيل بالعطش.

بدأ إسماعيل يبكي من العطش.. فتركته أمه وانطلقت تبحث عن ماء.. راحت تمشي
مسرعة حتى وصلت إلى جبل اسمه "الصفا".. فصعدت إليه وراحت تبحث به عن بئر أو
إنسان أو قافلة.. لم يكن هناك شيء. ونزلت مسرعة من الصفا حتى إذا وصلت إلى
الوادي راحت تسعى سعي الإنسان المجهد حتى جاوزت الوادي ووصلت إلى جبل
"المروة"، فصعدت إليه ونظرت لترى أحدا لكنها لم تر أحدا. وعادت الأم إلى
طفلها فوجدته يبكي وقد اشتد عطشه.. وأسرعت إلى الصفا فوقفت عليه، وهرولت
إلى المروة فنظرت من فوقه.. وراحت تذهب وتجيء سبع مرات بين الجبلين
الصغيرين.. سبع مرات وهي تذهب وتعود - ولهذا يذهب الحجاج سبع مرات ويعودون
بين الصفا والمروة إحياء لذكريات أمهم الأولى ونبيهم العظيم إسماعيل. عادت
هاجر بعد المرة السابعة وهي مجهدة متعبة تلهث.. وجلست بجوار ابنها الذي كان
صوته قد بح من البكاء والعطش.



وفي هذه اللحظة اليائسة أدركتها رحمة
الله، وضرب إسماعيل بقدمه الأرض وهو يبكي فانفجرت تحت قدمه بئر زمزم.. وفار
الماء من البئر.. أنقذت حياتا الطفل والأم.. راحت الأم تغرف بيدها وهي
تشكر الله.. وشربت وسقت طفلها وبدأت الحياة تدب في المنطقة.. صدق ظنها حين
قالت: لن نضيع ما دام الله معنا



وبدأت بعض القوافل تستقر في المنطقة.. وجذب الماء الذي انفجر من بئر زمزم عديدا من الناس.. وبدأ العمران يبسط أجنحته على المكان.

كانت هذه هي المحنة الاولى.. أما المحنة الثانية فهي الذبح.


الاختبار الثاني:


كبر إسماعيل.. وتعلق به قلب إبراهيم..
جاءه العقب على كبر فأحبه.. وابتلى الله تعالى إبراهيم بلاء عظيما بسبب هذا
الحب. فقد رأى إبراهيم عليه السلام في المنام أنه يذبح ابنه الوحيد
إسماعيل. وإبراهيم يعمل أن رؤيا الأنبياء وحي.

انظر كيف يختبر الله عباده. تأمل أي نوع من أنواع الاختبار. نحن أمام نبي
قلبه أرحم قلب في الأرض. اتسع قلبه لحب الله وحب من خلق. جاءه ابن على
كبر.. وقد طعن هو في السن ولا أمل هناك في أن ينجب. ثم ها هو ذا يستسلم
للنوم فيرى في المنام أنه يذبح ابنه وبكره ووحيده الذي ليس له غيره.

أي نوع من الصراع نشب في نفسه. يخطئ من يظن أن صراعا لم ينشأ قط. لا يكون
بلاء مبينا هذا الموقف الذي يخلو من الصراع. نشب الصراع في نفس إبراهيم..
صراع أثارته عاطفة الأبوة الحانية. لكن إبراهيم لم يسأل عن السبب وراء ذبح
ابنه. فليس إبراهيم من يسأل ربه عن أوامره.

فكر إبراهيم في ولده.. ماذا يقول عنه إذا أرقده على الأرض ليذبحه.. الأفضل
أن يقول لولده ليكون ذلك أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قهرا ويذبحه
قهرا. هذا أفضل.. انتهى الأمر وذهب إلى ولده (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي
أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى). انظر إلى
تلطفه في إبلاغ ولده، وترك الأمر لينظر فيه الابن بالطاعة.. إن الأمر مقضي
في نظر إبراهيم لأنه وحي من ربه.. فماذا يرى الابن الكريم في ذلك؟ أجاب
إسماعيل: هذا أمر يا أبي فبادر بتنفيذه (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ
سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). تأمل رد الابن.. إنسان
يعرف أنه سيذبح فيمتثل للأمر الإلهي ويقدم المشيئة ويطمئن والده أنه سيجده
(إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). هو الصبر على أي حال وعلى كل حال..
وربما استعذب الابن أن يموت ذبحا بأمر من الله.. ها هو ذا إبراهيم يكتشف
أن ابنه ينافسه في حب الله. لا نعرف أي مشاعر جاشت في نفس إبراهيم بعد
استسلام ابنه الصابر.

ينقلنا الحق نقلة خاطفة فإذا إسماعيل راقد على الأرض، وجهه في الأرض رحمة
به كيلا يرى نفسه وهو يذبح. وإذا إبراهيم يرفع يده بالسكين.. وإذا أمر الله
مطاع. (فَلَمَّا أَسْلَمَا) استخدم القرآن هذا التعبير.. (فَلَمَّا
أَسْلَمَا) هذا هو الإسلام الحقيقي.. تعطي كل شيء، فلا يتبقى منك شيء.

عندئذ فقط.. وفي اللحظة التي كان السكين فيها يتهيأ لإمضاء أمره.. نادى
الله إبراهيم.. انتهى اختباره، وفدى الله إسماعيل بذبح عظيم - وصار اليوم
عيدا لقوم لم يولدوا بعد، هم المسلمون. صارت هذه اللحظات عيدا للمسلمين.
عيدا يذكرهم بمعنى الإسلام الحقيقي الذي كان عليه إبراهيم وإسماعيل.


خبر زوجة إسماعيل:

عاش إسماعيل في شبه الجزيرة العربية ما شاء الله له أن يعيش.. روض الخيل
واستأنسها واستخدمها، وساعدت مياه زمزم على سكنى المنطقة وتعميرها. استقرت
بها بعض القوافل.. وسكنتها القبائل.. وكبر إسماعيل وتزوج، وزاره إبراهيم
فلم يجده في بيته ووجد امرأته.. سألها عن عيشهم وحالهم، فشكت إليه من الضيق
والشدة.

قال لها إبراهيم: إذا جاء زوجك مريه أن يغير عتبة بابه.. فلما جاء إسماعيل،
ووصفت له زوجته الرجل.. قال: هذا أبي وهو يأمرني بفراقك.. الحقي بأهلك.

وتزوج إسماعيل امرأة ثانية.. زارها إبراهيم، يسألها عن حالها، فحدثته أنهم في نعمة وخير.. وطاب صدر إبراهيم بهذه الزوجة لابنه.


الاختبار الثالث:



وها نحن الآن أمام الاختبار الثالث.. اختبار لا يمس إبراهيم وإسماعيل فقط.
بل يمس ملايين البشر من بعدهم إلى يوم القيامة.. إنها مهمة أوكلها الله
تعالى لهذين النبيين الكريمين.. مهمة بناء بيت الله تعالى في الأرض.

كبر إسماعيل.. وبلغ أشده.. وجاءه إبراهيم وقال له: يا إسماعيل.. إن الله
أمرني بأمر. قال إسماعيل: فاصنع ما أمرك به ربك.. قال إبراهيم: وتعينني؟
قال: وأعينك. فقال إبراهيم: فإن الله أمرني أن ابني هنا بيتا. أشار بيده
لصحن منخفض هناك.

صدر الأمر ببناء بيت الله الحرام.. هو أول بيت وضع للناس في الأرض.. وهو
أول بيت عبد فيه الإنسان ربه.. ولما كان آدم هو أول إنسان هبط إلى الأرض..
فإليه يرجع فضل بنائه أول مرة..
قال العلماء: إن آدم بناه وراح يطوف حوله مثلما يطوف الملائكة حول عرش الله تعالى.


بنى آدم خيمة يعبد فيها الله.. شيء طبيعي أن يبني آدم -بوصفه نبيا- بيتا
لعبادة ربه.. وحفت الرحمة بهذا المكان.. ثم مات آدم ومرت القرون، وطال عليه
العهد فضاع أثر البيت وخفي مكانه.. وها هو ذا إبراهيم يتلقى الأمر ببنائه
مرة ثانية.. ليظل في المرة الثانية قائما إلى يوم القيامة إن شاء الله.
وبدأ بناء الكعبة..

هدمت الكعبة في التاريخ أكثر من مرة، وكان بناؤها يعاد في كل مرة.. فهي
باقية منذ عهد إبراهيم إلى اليوم.. وحين بعث رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، تحقيقا لدعوة إبراهيم.. وجد الرسول الكعبة حيث بنيت آخر مرة، وقد قصر
الجهد بمن بناها فلم يحفر أساسها كما حفره إبراهيم.

نفهم من هذا إن إبراهيم وإسماعيل بذلا فيها وحدهما جهدا استحالت -بعد ذلك-
محاكاته على عدد كبير من الرجال.. ولقد صرح الرسول بأنه يحب هدمها وإعادتها
إلى أساس إبراهيم، لولا قرب عهد القوم بالجاهلية، وخشيته أن يفتن الناس
هدمها وبناؤها من جديد.. بناؤها بحيث تصل إلى قواعد إبراهيم وإسماعيل.

أي جهد شاق بذله النبيان الكريمان وحدهما؟ كان عليهما حفر الأساس لعمق غائر
في الأرض، وكان عليهما قطع الحجارة من الجبال البعيدة والقريبة، ونقلها
بعد ذلك، وتسويتها، وبناؤها وتعليتها.. وكان الأمر يستوجب جهد جيل من
الرجال، ولكنهما بنياها معا.

لا نعرف كم هو الوقت الذي استغرقه بناء الكعبة، كما نجهل الوقت الذي
استغرقه بناء سفينة نوح، المهم أن سفينة نوح والكعبة كانتا معا ملاذا للناس
ومثوبة وأمنا.. والكعبة هي سفينة نوح الثابتة على الأرض أبدا.. وهي تنتظر
الراغبين في النجاة من هول الطوفان دائما.

لم يحدثنا الله عن زمن بناء الكعبة.. حدثنا عن أمر أخطر وأجدى.. حدثنا عن تجرد نفسية من كان يبنيها.. ودعائه وهو يبنيها:



وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ
الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا
إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا
مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ
وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو
عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (129) (البقرة)


إن أعظم مسلمين على وجه الأرض يومها يدعوان الله أن يتقبل عملهما، وأن
يجعلهما مسلمين له.. يعرفان أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن. وتبلغ
الرحمة بهما أن يسألا الله أن يخرج من ذريتهما أمة مسلمة له سبحانه..
يريدان أن يزيد عدد العابدين الموجودين والطائفين والركع السجود. إن دعوة
إبراهيم وإسماعيل تكشف عن اهتمامات القلب المؤمن.. إنه يبني لله بيته، ومع
هذا يشغله أمر العقيدة.. ذلك إيحاء بأن البيت رمز العقيدة. ثم يدعوان الله
أن يريهم أسلوب العبادة الذي يرضاه، وأن يتوب عليهم فهو التواب الرحيم.
بعدها يتجاوز اهتمامها هذا الزمن الذي يعيشان فيه.. يجاوزانه ويدعوان الله
أن يبث رسولا لهؤلاء البشر. وتحققت هذه الدعوة الأخيرة.. حين بعث محمد بن
عبد الله، صلى الله عليه وسلم.. تحققت بعد أزمنة وأزمنة.

انتهى بناء البيت، وأراد إبراهيم حجرا مميزا، يكون علامة خاصة يبدأ منها
الطواف حول الكعبة.. أمر إبراهيم إسماعيل أن يأتيه بحجر مميز يختلف عن لون
حجارة الكعبة.

سار إسماعيل ملبيا أمر والده.. حين عاد، كان إبراهيم قد وضع الحجر الأسود
في مكانه.. فسأله إسماعيل: من الذي أحضره إليك يا أبت؟ فأجاب إبراهيم:
أحضره جبريل عليه السلام.

انتهى بناء الكعبة.. وبدأ طواف الموحدين والمسلمين حولها.. ووقف إبراهيم
يدعو ربه نفس دعائه من قبل.. أن يجعل أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي
إلى المكان.. انظر إلى التعبير.. إن الهوى يصور انحدارا لا يقاوم نحو شيء..
وقمة ذلك هوى الكعبة. من هذه الدعوة ولد الهوى العميق في نفوس المسلمين،
رغبة في زيارة البيت الحرام.

وصار كل من يزور المسجد الحرام ويعود إلى بلده.. يحس أنه يزداد عطشا كلما
ازداد ريا منه، ويعمق حنينه إليه كلما بعد منه، وتجيء أوقات الحج في كل
عام.. فينشب الهوى الغامض أظافره في القلب نزوعا إلى رؤية البيت، وعطشا إلى
بئر زمزم.

قال تعالى حين جادل المجادلون في إبراهيم وإسماعيل.


مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ
حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) (آل عمران)


عليه الصلاة والسلام.. استجاب الله دعاءه.. وكان إبراهيم أول من
سمانا المسلمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
fifi farida
عضو فضي
عضو فضي
fifi farida


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2010
عدد الرسائل عدد الرسائل : 714
تاريخ الميلاد : 23/12/1987
العمر : 36
المـــــــزاج : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 310
المهنة : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Studen10
الهواية : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Readin10
الجنسية : جزائرية
الدعــــــــــــــاء الدعــــــــــــــاء : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Nawasr10

بطاقة الشخصية
البلد:
الهواية:
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Left_bar_bleue50/50قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Empty_bar_bleue  (50/50)

قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Empty
مُساهمةموضوع: قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية   قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 1%20(13)الثلاثاء يناير 04, 2011 1:15 pm

.هود عليه السلام

نبذة:


أرسل إلى قوم عاد الذين كانوا بالأحقاف، وكانوا أقوياء الجسم والبنيان
وآتاهم الله الكثير من رزقه ولكنهم لم يشكروا الله على ما آتاهم وعبدوا
الأصنام فأرسل لهم الله هودا نبيا مبشرا، كان حكيما ولكنهم كذبوه وآذوه
فجاء عقاب الله وأهلكهم بريح صرصر عاتية استمرت سبع ليال وثمانية أيام.


المسيرة

سيرته:




عبادة الناس للأصنام:





بعد أن ابتلعت الأرض مياه الطوفان الذي
أغرق من كفر بنوح عليه السلام، قام من آمن معه ونجى بعمارة الأرض. فكان كل
من على الأرض في ذلك الوقت من المؤمنين. لم يكن بينهم كافر واحد. ومرت
سنوات وسنوات. مات الآباء والأبناء وجاء أبناء الأبناء. نسى الناس وصية
نوح، وعادت عبادة الأصنام. انحرف الناس عن عبادة الله وحده، وتم الأمر بنفس
الخدعة القديمة.




قال أحفاد قوم نوح: لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله من الطوفان.
وصنعوا للناجين تماثيل ليذكروهم بها، وتطور هذا التعظيم جيلا بعد جيل، فإذا
الأمر ينقلب إلى العبادة، وإذا بالتماثيل تتحول بمكر من الشيطان إلى آلهة
مع الله. وعادت الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية. وأرسل الله سيدنا هودا إلى
قومه.


إرسال هود عليه السلام:


كان "هود" من قبيلة اسمها "عاد" وكانت
هذه القبيلة تسكن مكانا يسمى الأحقاف.. وهو صحراء تمتلئ بالرمال، وتطل على
البحر. أما مساكنهم فكانت خياما كبيرة لها أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع،
وكان قوم عاد أعظم أهل زمانهم في قوة الأجسام، والطول والشدة.. كانوا
عمالقة وأقوياء، فكانوا يتفاخرون بقوتهم. فلم يكن في زمانهم أحد في قوتهم.
ورغم ضخامة أجسامهم، كانت لهم عقول مظلمة. كانوا يعبدون الأصنام، ويدافعون
عنها، ويحاربون من أجلها، ويتهمون نبيهم ويسخرون منه. وكان المفروض، ما
داموا قد اعترفوا أنهم أشد الناس قوة، أن يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد
منهم قوة.




قال لهم هود نفس الكلمة التي يقولها كل رسول. لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد
ولا تخاف ولا تتراجع. كلمة واحدة هي الشجاعة كلها، وهي الحق وحده (يَا
قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ
تَتَّقُونَ).


وسأله قومه: هل تريد أن تكون سيدا علينا بدعوتك؟ وأي أجر تريده؟

ن هذه الظنون السئية تتكرر على ألسنة
الكافرين عندما يدعوهم نبيهم للإيمان بالله وحده. فعقولهم الصغيرة لا
تتجاوز الحياة الدنيوية. ولا يفكروا إلا بالمجد والسلطة والرياسة.




أفهمهم هود أن أجره على الله، إنه لا يريد منهم شيئا غير أن يغسلوا عقولهم
في نور الحقيقة. حدثهم عن نعمة الله عليهم، كيف جعلهم خلفاء لقوم نوح، كيف
أعطاهم بسطة في الجسم، وشدة في البأس، كيف أسكنهم الأرض التي تمنح الخير
والزرع. كيف أرسل عليهم المطر الذي يحيى به الأرض. وتلفت قوم هود حولهم
فوجدوا أنهم أقوى من على الأرض، وأصابتهم الكبرياء وزادوا في العناد.




قالوا لهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا آباءنا يعبدونها؟


قال هود: كان آباؤكم مخطئين.


قال قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح ترابا يتطاير في الهواء، سنعود إلى الحياة؟


قال هود: ستعودون يوم القيامة، ويسأل الله كل واحد فيكم عما فعل.




انفجرت الضحكات بعد هذه الجملة الأخيرة. ما أغرب ادعاء هود. هكذا تهامس
الكافرون من قومه. إن الإنسان يموت، فإذا مات تحلل جسده، فإذا تحلل جسده
تحول إلى تراب، ثم يهب الهواء ويتطاير التراب. كيف يعود هذا كله إلى أصله؟!
ثم ما معنى وجود يوم للقيامة؟ لماذا يقوم الأموات من موتهم؟




استقبل هود كل هذه الأسئلة بصبر كريم.. ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة..
أفهمهم أن إيمان الناس بالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله، مثلما هي ضرورة تتصل
بحياة الناس. قال لهم ما يقوله كل نبي عن يوم القيامة. إن حكمة الخالق
المدبر لا تكتمل بمجرد بدء الخلق، ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض.
إن هذه الحياة اختبار، يتم الحساب بعدها. فليست تصرفات الناس في الدنيا
واحدة، هناك من يظلم، وهناك من يقتل، وهناك من يعتدي.. وكثيرا ما نرى
الظالمين يذهبون بغير عقاب، كثيرا ما نرى المعتدين يتمتعون في الحياة
بالاحترام والسلطة. أين تذهب شكاة المظلومين؟ وأين يذهب ألم المضطهدين؟ هل
يدفن معهم في التراب بعد الموت؟




إن العدالة تقتضي وجود يوم للقيامة. إن الخير لا ينتصر دائما في الحياة.
أحيانا ينظم الشر جيوشه ويقتل حملة الخير. هل تذهب هذه الجريمة بغير عقاب؟




إن ظلما عظيما يتأكد لو افترضنا أن يوم القيامة لن يجئ. ولقد حرم الله
تعالى الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده. ومن تمام العدل وجود يوم
للقيامة والحساب والجزاء. ذلك أن يوم القيامة هو اليوم الذي تعاد فيه جميع
القضايا مرة أخرى أمام الخالق، ويعاد نظرها مرة أخرى. ويحكم فيها رب
العالمين سبحانه. هذه هي الضرورة الأولى ليوم القيامة، وهي تتصل بعدالة
الله ذاته.




وثمة ضرورة أخرى ليوم القيامة، وهي تتصل بسلوك الإنسان نفسه. إن الاعتقاد
بيوم الدين، والإيمان ببعث الأجساد، والوقوف للحساب، ثم تلقي الثواب
والعقاب، ودخول الجنة أو النار، هذا شيء من شأنه أن يعلق أنظار البشر
وقلوبهم بعالم أخر بعد عالم الأرض، فلا تستبد بهم ضرورات الحياة، ولا
يستعبدهم الطمع، ولا تتملكهم الأنانية، ولا يقلقهم أنهم لم يحققوا جزاء
سعيهم في عمرهم القصير المحدود، وبذلك يسمو الإنسان على الطين الذي خلق منه
إلى الروح الذي نفخه ربه فيه. ولعل مفترق الطريق بين الخضوع لتصورات الأرض
وقيمها وموازينها، والتعلق بقيم الله العليا، والانطلاق اللائق بالإنسان،
يكمن في الإيمان بيوم القيامة.




حدثهم هود بهذا كله فاستمعوا إليه وكذبوه. قالوا له هيهات هيهات..
واستغربوا أن يبعث الله من في القبور، استغربوا أن يعيد الله خلق الإنسان
بعد تحوله إلى التراب، رغم أنه خلقه من قبل من التراب. وطبقا للمقاييس
البشرية، كان ينبغي أن يحس المكذبون للبعث أن إعادة خلق الإنسان من التراب
والعظام أسهل من خلقه الأول. لقد بدأ الله الخلق فأي صعوبة في إعادته؟! إن
الصعوبة -طبقا للمقياس البشري- تكمن في الخلق. وليس المقياس البشري غير
مقياسٍ بشري ينطبق على الناس، أما الله، فليست هناك أمور صعبة أو سهلة
بالنسبة إليه سبحانه، تجري الأمور بالنسبة إليه سبحانه بمجرد الأمر.




موقف الملأ من دعوة هود:




يروي المولى عزل وجل موقف الملأ (وهم الرؤساء) من دعوة هود عليه السلام.
سنرى هؤلاء الملأ في كل قصص الأنبياء. سنرى رؤساء القوم وأغنيائهم ومترفيهم
يقفون ضد الأنبياء. يصفهم الله تعالى بقوله: (وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) من مواقع الثراء والغنى والترف، يولد الحرص على
استمرار المصالح الخاصة. ومن مواقع الثراء والغنى والترف والرياسة، يولد
الكبرياء. ويلتفت الرؤساء في القوم إلى أنفسهم ويتساءلون: أليس هذا النبي
بشرا مثلنا، يأكل مما نأكل، ويشرب مما نشرب؟ بل لعله بفقره يأكل أقل مما
نأكل، ويشرب في أكواب صدئة، ونحن نشرب في أكواب الذهب والفضة.. كيف يدعي
أنه على الحق ونحن على الباطل؟ هذا بشر .. كيف نطيع بشرا مثلنا؟ ثم.. لماذا
اختار الله بشرا من بيننا ليوحى إليه؟




قال رؤساء قوم هود: أليس غريبا أن يختار الله من بيننا بشرا ويوحي إليه؟!


تسائل هو: ما هو الغريب في ذلك؟ إن الله الرحيم بكم قد أرسلني إليكم
لأحذركم. إن سفينة نوح، وقصة نوح ليست ببعيدة عنكم، لا تنسوا ما حدث، لقد
هلك الذين كفروا بالله، وسيهلك الذين يكفرون بالله دائما، مهما يكونوا
أقوياء.


قال رؤساء قوم هود: من الذي سيهلكنا يا هود؟

قال هود: الله .

قال الكافرون من قوم هود: ستنجينا آلهتنا.




وأفهمهم هود أن هذه الآلهة التي يعبدونها لتقربهم من الله، هي نفسها التي
تبعدهم عن الله. أفهمهم أن الله هو وحده الذي ينجي الناس، وأن أي قوة أخرى
في الأرض لا تستطيع أن تضر أو تنفع.




واستمر الصراع بين هود وقومه. وكلما استمر الصراع ومرت الأيام، زاد قوم هود
استكبارا وعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم. وبدءوا يتهمون "هودا" عليه
السلام بأنه سفيه مجنون.




قالوا له يوما: لقد فهمنا الآن سر جنونك. إنك تسب آلهتنا وقد غضبت آلهتنا عليك، وبسبب غضبها صرت مجنونا.




انظروا للسذاجة التي وصل إليها تفكيرهم. إنهم يظنون أن هذه الحجارة لها قوى
على من صنعها. لها تأثير على الإنسان مع أنا لا تسمع ولا ترى ولا تنطق. لم
يتوقف هود عند هذيانهم، ولم يغضبه أن يظنوا به الجنون والهذيان، ولكنه
توقف عند قولهم: (وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا
نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ).




بعد هذا التحدي لم يبق لهود إلا التحدي. لم يبق له إلا التوجه إلى الله
وحده. لم يبق أمامه إلا إنذار أخير ينطوي على وعيد للمكذبين وتهديدا لهم..
وتحدث هود:



إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ
بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ
أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا
ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي
وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ
رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ
أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي
قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ
شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) (هود)





إن الإنسان ليشعر بالدهشة لهذه الجرأة في الحق. رجل واحد يواجه قوما غلاظا
شدادا وحمقى. يتصورون أن أصنام الحجارة تستطيع الإيذاء. إنسان بمفرده يقف
ضد جبارين فيسفه عقيدتهم، ويتبرأ منهم ومن آلهتهم، ويتحداهم أن يكيدوا له
بغير إبطاء أو إهمال، فهو على استعداد لتلقي كيدهم، وهو على استعداد لحربهم
فقد توكل على الله. والله هو القوي بحق، وهو الآخذ بناصية كل دابة في
الأرض. سواء الدواب من الناس أو دواب الوحوش أو الحيوان. لا شيء يعجز الله.




بهذا الإيمان بالله، والثقة بوعده، والاطمئنان إلى نصره.. يخاطب هود الذين
كفروا من قومه. وهو يفعل ذلك رغم وحدته وضعفه، لأنه يقف مع الأمن الحقيقي
ويبلغ عن الله. وهو في حديثه يفهم قومه أنه أدى الأمانة، وبلغ الرسالة. فإن
كفروا فسوف يستخلف الله قوما غيرهم، سوف يستبدل بهم قوما آخرين. وهذا
معناه أن عليهم أن ينتظروا العذاب


هلاك عاد:

وهكذا أعلن هود لهم براءته منهم ومن
آلهتهم. وتوكل على الله الذي خلقه، وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومه.
هذا قانون من قوانين الحياة. يعذب الله الذين كفروا، مهما كانوا أقوياء أو
أغنياء أو جبابرة أو عمالقة.




انتظر هود وانتظر قومه وعد الله. وبدأ الجفاف في الأرض. لم تعد السماء
تمطر. وهرع قوم هود إليه. ما هذا الجفاف يا هود؟ قال هود: إن الله غاضب
عليكم، ولو آمنتم فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم.
وسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية والكفر. وزاد الجفاف، واصفرت
الأشجار الخضراء ومات الزرع. وجاء يوم فإذا سحاب عظيم يملأ السماء. وفرح
قوم هود وخرجوا من بيوتهم يقولون: (هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا).




تغير الجو فجأة. من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس. بدأت
الرياح تهب. ارتعش كل شيء، ارتعشت الأشجار والنباتات والرجال والنساء
والخيام. واستمرت الريح. ليلة بعد ليلة، ويوما بعد يوم. كل ساعة كانت
برودتها تزداد. وبدأ قوم هود يفرون، أسرعوا إلى الخيام واختبئوا داخلها،
اشتد هبوب الرياح واقتلعت الخيام، واختبئوا تحت الأغطية، فاشتد هبوب الرياح
وتطايرت الأغطية. كانت الرياح تمزق الملابس وتمزق الجلد وتنفذ من فتحات
الجسم وتدمره. لا تكاد الريح تمس شيئا إلا قتلته ودمرته، وجعلته كالرميم.




استمرت الرياح مسلطة عليهم سبع ليال وثمانية أيام لم تر الدنيا مثلها قط.
ثم توقفت الريح بإذن ربها. لم يعد باقيا ممن كفر من قوم هود إلا ما يبقى من
النخل الميت. مجرد غلاف خارجي لا تكاد تضع يدك عليه حتى يتطاير ذرات في
الهواء.




نجا هود ومن آمن معه.. وهلك الجبابرة.. وهذه نهاية عادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته.



.................................................. .................



5.صالح عليه السلام


نبذة:


أرسله الله إلى قوم ثمود وكانوا قوما
جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا
بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه
وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه فأتاهم بالناقة وأمرهم أن لا يؤذوها ولكنهم
أصروا على كبرهم فعقروا الناقة وعاقبهم الله بالصاعقة فصعقوا جزاء لفعلتهم
ونجى الله صالحا والمؤمنين.




المسيرة

سيرته:




إرسال صالح عليه السلام لثمود:




جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، وتكررت قصة العذاب بشكل مختلف مع ثمود. كانت
ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى، فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم.. وقال
صالح لقومه: (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ
غَيْرُهُ) نفس الكلمة التي يقولها كل نبي.. لا تتبدل ولا تتغير، كما أن
الحق لا يتبدل ولا يتغير.




فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. إنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة، وهو
ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده. وأحدثت دعوته هزة كبيرة في
المجتمع.. وكان صالح معروفا بالحكمة والنقاء والخير. كان قومه يحترمونه قبل
أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم.. وقال قوم صالح له:




قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا
أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ
مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) (هود)




تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح. إنهم يدلفون إليه من باب شخصي بحت.
لقد كان لنا رجاء فيك. كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثم
خاب رجاؤنا فيك.. أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟! يا للكارثة.. كل شيء يا
صالح إلا هذا. ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين
عليها.. وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم إليه. ويستنكرون ما هو واجب وحق،
ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده. لماذا؟ ما كان ذلك كله
إلا لأن آبائهم كانوا يعبدون هذه الآلهة.


معجزة صالح عليه السلام:


ورغم نصاعة دعوة صالح عليه الصلاة والسلام، فقد بدا واضحا أن قومه لن
يصدقونه. كانوا يشكون في دعوته، واعتقدوا أنه مسحور، وطالبوه بمعجزة تثبت
أنه رسول من الله إليهم. وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم. وكان قوم ثمود
ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة. كانوا يستخدمون الصخر في البناء، وكانوا
أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء. جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الأرض
التي استعمروها.




قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه:



وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي
أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ
(64) (هود)


والآية هي المعجزة، ويقال إن الناقة
كانت معجزة لأن صخرة بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقة.. ولدت من غير
الطريق المعروف للولادة. ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه
الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه في هذا
اليوم، وقيل إنها كانت معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في
هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس. كانت هذه الناقة
معجزة، وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: (نَاقَةُ اللّهِ) أضافها لنفسه
سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله. وأصدر الله
أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها،
أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء، وحذرهم أنهم إذا
مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب.




في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل.. كانت ناقة
مباركة. كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال. كان واضحا إنها ليست
مجرد ناقة عادية، وإنما هي آية من الله. وعاشت الناقة بين قوم صالح، آمن
منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر. وذلك لأن الكفار عندما يطلبون
من نبيهم آية، ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به، وإنما لتحديه
وإظهار عجزه أمام البشر. لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات من
عنده.




كان صالح عليه الصلاة والسلام يحدث قومه برفق وحب، وهو يدعوهم إلى عبادة
الله وحده، وينبههم إلى أن الله قد أخرج لهم معجزة هي الناقة، دليلا على
صدقه وبينة على دعوته. وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة تأكل في أرض الله،
وكل الأرض أرض الله. وهو يحذرهم أن يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله عليهم.
كما ذكرهم بإنعام الله عليهم: بأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد.. وأنعم
عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة. لكن قومه تجاوزوا
كلماته وتركوه، واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح.




يسألونهم سؤال استخفاف وزراية: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ ؟!


قالت الفئة الضعيفة التي آمنت بصالح: إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ


فأخذت الذين كفروا العزة بالإثم.. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا
بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ . هكذا باحتقار واستعلاء وغضب.







تآمر الملأ على الناقة:



وتحولت الكراهية عن سيدنا صالح إلى الناقة المباركة. تركزت عليها الكراهية،
وبدأت المؤامرة تنسج خيوطها ضد الناقة. كره الكافرون هذه الآية العظيمة،
ودبروا في أنفسهم أمرا.




وفي إحدى الليالي، انعقدت جلسة لكبار القوم، وقد أصبح من المألوف أن نرى أن
في قصص الأنبياء هذه التدابير للقضاء على النبي أو معجزاته أو دعوته تأتي
من رؤساء القوم، فهم من يخافون على مصالحهم إن تحول الناس للتوحيد، ومن
خشيتهم إلى خشية الله وحده. أخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيام به
لإنهاء دعوة صالح. فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة ومن ثم قتل صالح
نفسه.




وهذا هو سلاح الظلمة والكفرة في كل زمان ومكان، يعمدون إلى القوة والسلاح
بدل الحوار والنقاش بالحجج والبراهين. لأنهم يعلمون أن الحق يعلوا ولا يعلى
عليه، ومهما امتد بهم الزمان سيظهر الحق ويبطل كل حججهم. وهم لا يريدون أن
يصلوا لهذه المرحلة، وقرروا القضاء على الحق قبل أن تقوى شوكته.




لكن أحدهم قال: حذرنا صالح من المساس بالناقة، وهددنا بالعذاب القريب. فقال
أحدهم سريعا قبل أن يؤثر كلام من سبقه على عقول القوم: أعرف من يجرأ على
قتل الناقة. ووقع الاختيار على تسعة من جبابرة القوم. وكانوا رجالا يعيثون
الفساد في الأرض، الويل لمن يعترضهم.




هؤلاء هم أداة الجريمة. اتفق على موعد الجريمة ومكان التنفيذ. وفي الليلة
المحددة. وبينما كانت الناقة المباركة تنام في سلام. انتهى المجرمون التسعة
من إعداد أسلحتهم وسيوفهم وسهامهم، لارتكاب الجريمة. هجم الرجال على
الناقة فنهضت الناقة مفزوعة. امتدت الأيدي الآثمة القاتلة إليها. وسالت
دمائها.



هلاك ثمود:


علم النبي صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه. قال لهم: ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟

قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله.. ألم تقل أنك من المرسلين؟


قال صالح لقومه: تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ




بعدها غادر صالح قومه. تركهم ومضى. انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام.




ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون،
وفي فجر اليوم الرابع: انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة. انقضت الصيحة على
الجبال فهلك فيها كل شيء حي. هي صرخة واحدة.. لم يكد أولها يبدأ وآخرها
يجيء حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة.




هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث. أما الذين آمنوا بسيدنا صالح، فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا.





.................................................. ................


6. لوط عليه السلام

نبذة:

أرسله الله ليهدي قومه ويدعوهم إلى
عبادة الله، وكانوا قوما ظالمين يأتون الفواحش ويعتدون على الغرباء وكانوا
يأتون الرجال شهوة من دون النساء فلما دعاهم لوط لترك المنكرات أرادوا أن
يخرجوه هو وقومه فلم يؤمن به غير بعض من آل بيته، أما امرأته فلم تؤمن ولما
يئس لوط دعا الله أن ينجيهم ويهلك المفسدين فجاءت له الملائكة وأخرجوا لوط
ومن آمن به وأهلكوا الآخرين بحجارة مسومة.






المسيرة

سيرته:




حال قوم لوط:


دعى لوط قومه إلى عبادة الله وحده لا
شريك له، ونهاهم عن كسب السيئات والفواحش. واصطدمت دعوته بقلوب قاسية
وأهواء مريضة ورفض متكبر. وحكموا على لوط وأهله بالطرد من القرية. فقد كان
القوم الذين بعث إليهم لوط يرتكبون عددا كبيرا من الجرائم البشعة. كانوا
يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق، ويتواصون بالإثم، ولا يتناهون عن منكر، وقد
زادوا في سجل جرائمهم جريمة لم يسبقهم بها أحد من العالمين. كانوا يأتون
الرجال شهوة من دون النساء.




لقد اختلت المقاييس عند قوم لوط.. فصار الرجال أهدافا مرغوبة بدلا من
النساء، وصار النقاء والطهر جريمة تستوجب الطرد.. كانوا مرضى يرفضون الشفاء
ويقاومونه.. ولقد كانت تصرفات قوم لوط تحزن قلب لوط.. كانوا يرتكبون
جريمتهم علانية في ناديهم.. وكانوا إذا دخل المدينة غريب أو مسافر أو ضيف
لم ينقذه من أيديهم أحد.. وكانوا يقولون للوط: استضف أنت النساء ودع لنا
الرجال.. واستطارت شهرتهم الوبيلة، وجاهدهم لوط جهادا عظيما، وأقام عليهم
حجته، ومرت الأيام والشهور والسنوات، وهو ماض في دعوته بغير أن يؤمن له
أحد.. لم يؤمن به غير أهل بيته.. حتى أهل بيته لم يؤمنوا به جميعا. كانت
زوجته كافرة.




وزاد الأمر بأن قام الكفرة بالاستهزاء برسالة لوط عليه السلام، فكانوا
يقولون: (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ). فيئس
لوط منهم، ودعا الله أن ينصره ويهلك المفسدين.



ذهاب الملائكة لقوم لوط:


خرج الملائكة من عند إبراهيم قاصدين
قرية لوط.. بلغوا أسوار سدوم.. وابنة لوط واقفة تملأ وعاءها من مياه
النهر.. رفعت وجهها فشاهدتهم.. فسألها أحد الملائكة: يا جارية.. هل من
منزل؟




قالت [وهي تذكر قومها]: مكانكم لا تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكم.. أسرعت نحو
أبيها فأخبرته. فهرع لوط يجري نحو الغرباء. فلم يكد يراهم حتى (سِيءَ
بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ) سألهم: من
أين جاءوا؟ .. وما هي وجهتهم؟.. فصمتوا عن إجابته. وسألوه أن يضيفهم..
استحى منهم وسار أمامهم قليلا ثم توقف والتفت إليهم يقول: لا أعلم على وجه
الأرض أخبث من أهل هذا البلد.




قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية، غير أنهم غضوا النظر عن قوله ولم
يعلقوا عليه، وعاد يسير معهم ويلوي عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى
أهل القرية - حدثهم أنهم خبثاء.. أنهم يخزون ضيوفهم.. حدثهم أنهم يفسدون في
الأرض. وكان الصراع يجري داخله محاولا التوفيق بين أمرين.. صرف ضيوفه عن
المبيت في القرية دون إحراجهم، وبغير إخلال بكرم الضيافة.. عبثا حاول
إفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا في رحلتهم، دون نزول بهذه القرية.




سقط الليل على المدينة.. صحب لوط ضيوفه إلى بيته.. لم يرهم من أهل المدينة
أحد.. لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره. أسرعت إلى
قومها وأخبرتهم الخبر.. وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم. وجاء قوم لوط له
مسرعين.. تساءل لوط بينه وبين نفسه: من الذي أخبرهم؟.. وقف القوم على باب
البيت.. خرج إليهم لوط متعلقا بأمل أخير، وبدأ بوعظهم:




(هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ).. قال لهم: أمامكم النساء
-زوجاتكم- هن أطهر.. فهن يلبين الفطرة السوية.. كما أن الخالق -جلّ في
علاه- قد هيّئهن لهذا الأمر.




(فَاتَّقُواْ اللّهَ).. يلمس نفوسهم من جانب التقوى بعد أن لمسها من جانب
الفطرة.. اتقوا الله وتذكروا أن الله يسمع ويرى.. ويغضب ويعاقب وأجدر
بالعقلاء اتقاء غضبه.




(وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي).. هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم. و ينبغي عليهم إكرام الضيف لا فضحه.




(أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ).. أليس فيكم رجل عاقل؟.. إن ما تريدونه -لو تحقق- هو عين الجنون.




إلا أن كلمات لوط عليه السلام لم تلمس الفطرة المنحرفة المريضة، ولا القلب
الجامد الميت، ولا العقل المريض الأحمق.. ظلت الفورة الشاذة على اندفاعها.




أحس لوط بضعفه وهو غريب بين القوم.. نازح إليهم من بعيد بغير عشيرة تحميه،
ولا أولاد ذكور يدافعون عنه.. دخل لوط غاضبا وأغلق باب بيته.. كان الغرباء
الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتين.. فدهش لوط من هدوئهم.. وازدادت ضربات
القوم على الباب.. وصرخ لوط في لحظة يأس خانق: (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي
بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) تمنى أن تكون له قوة تصدهم
عن ضيفه.. وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه.. غاب عن لوط في
شدته وكربته أنه يأوي إلى ركن شديد.. ركن الله الذي لا يتخلى عن أنبيائه
وأوليائه.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقرأ هذه الآية: "رحمة
الله على لوط.. كان يأوي إلى ركن شديد".




هلاك قوم لوط:


عندما بلغ الضيق ذروته.. وقال النبي كلمته.. تحرك ضيوفه ونهضوا فجأة..
أفهموه أنه يأوي إلى ركن شديد.. فقالوا له لا تجزع يا لوط ولا تخف.. نحن
ملائكة.. ولن يصل إليك هؤلاء القوم.. ثم نهض جبريل، عليه السلام، وأشار
بيده إشارة سريعة، ففقد القوم أبصارهم.

التفتت الملائكة إلى لوط وأصدروا إليه
أمرهم أن يصحب أهله أثناء الليل ويخرج.. سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل
الجبال.. لا يلتفت منهم أحد.. كي لا يصيبه ما يصيب القوم.. أي عذاب هذا؟..
هو عذاب من نوع غريب، يكفي لوقوعه بالمرء مجرد النظر إليه.. أفهموه أن
امرأته كانت من الغابرين.. امرأته كافرة مثلهم وستلتفت خلفها فيصيبها ما
أصابهم.




سأل لوط الملائكة: أينزل الله العذاب بهم الآن.. أنبئوه أن موعدهم مع العذاب هو الصبح.. (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)؟




خرج لوط مع بناته وزوجته.. ساروا في الليل وغذوا السير.. واقترب الصبح..
كان لوط قد ابتعد مع أهله.. ثم جاء أمر الله تعالى.. قال العلماء: اقتلع
جبريل، عليه السلام، بطرف جناحه مدنهم السبع من قرارها البعيد.. رفعها
جميعا إلى عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم، قلب
المدن السبع وهوى بها في الأرض.. أثناء السقوط كانت السماء تمطرهم بحجارة
من الجحيم.. حجارة صلبة قوية يتبع بعضها بعضا، ومعلمة بأسمائهم، ومقدرة
عليهم.. استمر الجحيم يمطرهم.. وانتهى قوم لوط تماما.. لم يعد هناك أحد..
نكست المدن على رؤوسها، وغارت في الأرض، حتى انفجر الماء من الأرض.. هلك
قوم لوط ومحيت مدنهم.




كان لوط يسمع أصوات مروعة.. وكان يحاذر أن يلتفت خلفه.. نظرت زوجته نحو
مصدر الصوت فانتهت.. تهرأ جسدها وتفتت مثل عمود ساقط من الملح.




قال العلماء: إن مكان المدن السبع.. بحيرة غريبة.. ماؤها أجاج.. وكثافة
الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة.. وفي هذه البحيرة صخور معدنية
ذائبة.. توحي بأن هذه الحجارة التي ضرب بها قوم لوط كانت شهبا مشعلة. يقال
إن البحيرة الحالية التي نعرفها باسم "البحر الميت" في فلسطين.. هي مدن قوم
لوط السابقة.




انطوت صفحة قوم لوط.. انمحت مدنهم وأسمائهم من الأرض.. سقطوا من ذاكرة
الحياة والأحياء.. وطويت صفحة من صفحات الفساد.. وتوجه لوط إلى إبراهيم..
زار إبراهيم وقص عليه نبأ قومه.. وأدهشه أن إبراهيم كان يعلم.. ومضى لوط في
دعوته إلى الله.. مثلما مضى الحليم الأواه المنيب إبراهيم في دعوته إلى
الله.. مضى الاثنان ينشران الإسلام في الأرض.




.................................................. .......................


7.اسحاق عليه السلام



نبذة:


هو ولد سيدنا إبراهيم من زوجته سارة،
وقد كانت البشارة بمولده من الملائكة لإبراهيم وسارة لما مروا بهم مجتازين
ذاهبين إلى مدائن قوم لوط ليدمروها عليهم لكفرهم وفجورهم، ذكره الله في
القرآن بأنه "غلام عليم" جعله الله نبيا يهدي الناس إلى فعل الخيرات، جاء
من نسله سيدنا يعقوب.







المسيرة


سيرته:



لا يذكر القرآن الكريم غير ومضات سريعة
عن قصة إسحاق.. كان ميلاده حدثا خارقا، بشرت به الملائكة، وورد في البشرى
اسم ابنه يعقوب.. وقد جاء ميلاده بعد سنوات من ولادة أخيه إسماعيل.. ولقد
قر قلب سارة بمولد إسحق ومولد ابنه يعقوب، عليهما الصلاة والسلام.. غير
أننا لا نعرف كيف كانت حياة إسحاق، ولا نعرف بماذا أجابه قومه.. كل ما
نعرفه أن الله أثنى عليه كنبي من الصالحين.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
fifi farida
عضو فضي
عضو فضي
fifi farida


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2010
عدد الرسائل عدد الرسائل : 714
تاريخ الميلاد : 23/12/1987
العمر : 36
المـــــــزاج : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 310
المهنة : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Studen10
الهواية : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Readin10
الجنسية : جزائرية
الدعــــــــــــــاء الدعــــــــــــــاء : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Nawasr10

بطاقة الشخصية
البلد:
الهواية:
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Left_bar_bleue50/50قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Empty_bar_bleue  (50/50)

قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Empty
مُساهمةموضوع: قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية   قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 1%20(13)الثلاثاء يناير 04, 2011 1:29 pm

هارون عليه السلام

نبذة:


أخو موسى ورفيقه في دعوة فرعون إلى الإيمان بالله لأنه كان فصيحا ومتحدثا،
استخلفه موسى على قومه عندما ذهب للقاء الله فوق جبل الطور، ولكن حدثت فتنة
السامري الذي حول بني إسرائيل إلى عبادة عجل من الذهب له خوار ، فدعاهم
هارون إلى الرجوع لعبادة الله بدلا من العجل ولكنهم استكبروا فلما رجع موسى
ووجد ما آل إليه قومه عاتب هارون عتابا شديدا.








المسيرة


سيرته:




لا يذكر الكثير عن سيرة هارون عليه السلام. إلا أن المعلوم هو أن الله أيد
موسى بأخيه هارون في دعوته فلقد كان هارون عليه السلام أفصح لسانا. وورد
موقف موسى عليه السلام من أخيه حين استخلفه على بني إسرائيل وذهب للقاء
ربه، فعبدت بنو إسرائيل العجل الذي صنعه السامري. القصة مذكورة بتفاصيلها
في قصة موسى عليه السلام.



.................................................. .........


9.زكريا عليه السلام


نبذة:




عبد صالح تقي أخذ يدعو للدين الحنيف، كفل مريم العذراء، دعا الله أن يرزقه
ذرية صالحة فوهب له يحيى الذي خلفه في الدعوة لعبادة الله الواحد القهار.








المسيرة


سيرته:




امرأة عمران:




في ذلك العصر القديم.. كان هناك نبي.. وعالم عظيم يصلي بالناس.. كان اسم
النبي زكريا عليه السلام.. أما العالم العظيم الذي اختاره الله للصلاة
بالناس، فكان اسمه عمران عليه السلام.




وكان لعمران زوجته لا تلد.. وذات يوم رأت طائرا يطعم ابنه الطفل في فمه
ويسقيه.. ويأخذه تحت جناحه خوفا عليه من البرد.. وذكرها هذا المشهد بنفسها
فتمنت على الله أن تلد.. ورفعت يديها وراحت تدعو خالقها أن يرزقها بطفل..




واستجابت لها رحمة الله فأحست ذات يوم أنها حامل.. وملأها الفرح والشكر لله
فنذرت ما في بطنها محررا لله.. كان معنى هذا أنها نذرت لله أن يكون ابنها
خادما للمسجد طوال حياته.. يتفرغ لعبادة الله وخدمة بيته.




ولادة مريم:




وجاء يوم الوضع ووضعت زوجة عمران بنتا، وفوجئت الأم! كانت تريد ولدا ليكون
في خدمة المسجد والعبادة، فلما جاء المولود أنثى قررت الأم أن تفي بنذرها
لله برغم أن الذكر ليس كالأنثى.




سمع الله سبحانه وتعالى دعاء زوجة عمران، والله يسمع ما نقوله، وما نهمس به
لأنفسنا، وما نتمنى أن نقوله ولا نفعله.. يسمع الله هذا كله ويعرفه.. سمع
الله زوجة عمران وهي تخبره أنها قد وضعت بنتا، والله أعلم بما وضعت، الله..
هو وحده الذي يختار نوع المولود فيخلقه ذكرا أو يخلقه أنثى.. سمع الله
زوجة عمران تسأله أن يحفظ هذه الفتاة التي سمتها مريم، وأن يحفظ ذريتها من
الشيطان الرجيم.




ويروي الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «
مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ
صَارِخاً مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلاَّ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَإِنِّى
أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).




كفالة زكريا لمريم:




أثار ميلاد مريم بنت عمران مشكلة صغيرة في بداية الأمر.. كان عمران قد مات
قبل ولادة مريم.. وأراد علماء ذلك الزمان وشيوخه أن يربوا مريم.. كل واحد
يتسابق لنيل هذا الشرف.. أن يربي ابنة شيخهم الجليل العالم وصاحب صلاتهم
وإمامهم فيها.




قال زكريا: أكفلها أنا.. هي قريبتي.. زوجتي هي خالتها.. وأنا نبي هذه الأمة وأولاكم بها.




وقال العلماء والشيوخ: ولماذا لا يكفلها أحدنا..؟ لا نستطيع أن نتركك تحصل على هذا الفضل بغير اشتراكنا فيه.




ثم اتفقوا على إجراء قرعة. أي واحد يكسب القرعة هو الذي يكفل مريم،
ويربيها، ويكون له شرف خدمتها، حتى تكبر هي وهي تخدم المسجد وتتفرغ لعبادة
الله، وأجريت القرعة.. وضعت مريم وهي مولودة على الأرض، ووضعت إلى جوارها
أقلام الذين يرغبون في كفالتها، وأحضروا طفلا صغيرا، فأخرج قلم زكريا..




قال زكريا: حكم الله لي بأن أكفلها.




قال العلماء والشيوخ: لا.. القرعة ثلاث مرات.




وراحوا يفكرون في القرعة الثانية.. حفر كل واحد اسمه على قلم خشبي، وقالوا:
نلقي بأقلامنا في النهر.. من سار قلمه ضد التيار وحده فهو الغالب.




وألقوا أقلامهم في النهر، فسارت أقلامهم جميعا مع التيار ما عدا قلم
زكريا.. سار وحده ضد التيار.. وظن زكريا أنهم سيقتنعون، لكنهم أصروا على أن
تكون القرعة ثلاث مرات. قالوا: نلقي أقلامنا في النهر.. القلم الذي يسير
مع التيار وحده يأخذ مريم. وألقوا أقلامهم فسارت جميعا ضد التيار ما عدا
قلم زكريا. وسلموا لزكريا، وأعطوه مريم ليكفلها.. وبدأ زكريا يخدم مريم،
ويربيها ويكرمها حتى كبرت..




كان لها مكان خاص تعيش فيه في المسجد.. كان لها محراب تتعبد فيه.. وكانت لا
تغادر مكانها إلا قليلا.. يذهب وقتها كله في الصلاة والعبادة.. والذكر
والشكر والحب لله..




وكان زكريا يزورها أحيانا في المحراب.. وكان يفاجأه كلما دخل عليها أنه
أمام شيء مدهش.. يكون الوقت صيفا فيجد عندها فاكهة الشتاء.. ويكون الوقت
شتاء فيجد عندها فاكهة الصيف.




ويسألها زكريا من أين جاءها هذا الرزق..؟




فتجيب مريم: إنه من عند الله..




وتكرر هذا المشهد أكثر من مرة.




دعاء زكريا ربه:




كان زكريا شيخا عجوزا ضعف عظمه، واشتعل رأسه بالشعر الأبيض، وأحس أنه لن
يعيش طويلا.. وكانت زوجته وهي خالة مريم عجوزا مثله ولم تلد من قبل في
حياتها لأنها عاقر.. وكان زكريا يتمنى أن يكون له ولد يرث علمه ويصير نبيا
ويستطيع أن يهدي قومه ويدعوهم إلى كتاب الله ومغفرته.. وكان زكريا لا يقول
أفكاره هذه لأحد.. حتى لزوجته.. ولكن الله تعالى كان يعرفها قبل أن تقال..
ودخل زكريا ذلك الصباح على مريم في المحراب.. فوجد عندها فاكهة ليس هذا
أوانها.




سألها زكريا: (قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا)؟!




مريم: (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ).




قال زكريا في نفسه: سبحان الله.. قادر على كل شيء.. وغرس الحنين أعلامه في قلبه وتمنى الذرية.. فدعا ربه.




سأل زكريا خالقه بغير أن يرفع صوته أن يرزقه طفلا يرث النبوة والحكمة
والفضل والعلم.. وكان زكريا خائفا أن يضل القوم من بعده ولم يبعث فيهم
نبي.. فرحم الله تعالى زكريا واستجاب له. فلم يكد زكريا يهمس في قلبه
بدعائه لله حتى نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب: (يَا زَكَرِيَّا
إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن
قَبْلُ سَمِيًّا).




فوجئ زكريا بهذه البشرى.. أن يكون له ولد لا شبيه له أو مثيل من قبل.. أحس
زكريا من فرط الفرح باضطراب.. تسائل من موضع الدهشة: (قَالَ رَبِّ أَنَّى
يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ
الْكِبَرِ عِتِيًّا) أدهشه أن ينجب وهو عجوز وامرأته لا تلد..




(قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن
قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) أفهمته الملائكة أن هذه مشيئة الله وليس أمام
مشيئة الله إلا النفاذ.. وليس هناك شيء يصعب على الله سبحانه وتعالى.. كل
شيء يريده يأمره بالوجود فيوجد.. وقد خلق الله زكريا نفسه من قبل ولم يكن
له وجود.. وكل شيء يخلقه الله تعالى بمجرد المشيئة (إِنَّمَا أَمْرُهُ
إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).




امتلأ قلب زكريا بالشكر لله وحمده وتمجيده.. وسأل ربه أن يجعل له آية أو
علامة. فأخبره الله أنه ستجيء عليه ثلاثة أيام لا يستطيع فيها النطق.. سيجد
نفسه غير قادر على الكلام.. سيكون صحيح المزاج غير معتل.. إذا حدث له هذا
أيقن أن امرأته حامل، وأن معجزة الله قد تحققت.. وعليه ساعتها أن يتحدث إلى
الناس عن طريق الإشارة.. وأن يسبح الله كثيرا في الصباح والمساء..




وخرج زكريا يوما على الناس وقلبه مليء بالشكر.. وأراد أن يكلمهم فاكتشف أن
لسانه لا ينطق.. وعرف أن معجزة الله قد تحققت.. فأومأ إلى قومه أن يسبحوا
الله في الفجر والعشاء.. وراح هو يسبح الله في قلبه.. صلى لله شكرا على
استجابته لدعوته ومنحه يحيي..




ظل زكريا عليه السلام يدعوا إلى ربه حتى جاءت وفاته.




ولم ترد روايات صحيحة عن وفاته عليه السلام. لكن ورايات كثير -ضعيفة- أوردت قتله على يد جنود الملك الذي قتل يحيى من قبل.







10..موسى عليه السلام


موسى عليه السلام



نبذة:




أرسله الله تعالى إلى فرعون وقومه، وأيده بمعجزتين، إحداهما هي العصا التي
تلقف الثعابين، أما الأخرى فكانت يده التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من
غير سوء، دعا موسى إلى وحدانية الله فحاربه فرعون وجمع له السحرة ليكيدوا
له ولكنه هزمهم بإذن الله تعالى، ثم أمره الله أن يخرج من مصر مع من اتبعه،
فطارده فرعون بجيش عظيم، ووقت أن ظن أتباعه أنهم مدركون أمره الله أن يضرب
البحر بعصاه لتكون نجاته وليكون هلاك فرعون الذي جعله الله عبرة للآخرين.








المسيرة


سيرته:




أثناء حياة يوسف علي السلام بمصر، تحولت مصر إلى التوحيد. توحيد الله
سبحانه، وهي الرسالة التي كان يحملها جميع الرسل إلى أقواهم. لكن بعد
وفاته، عاد أهل مصر إلى ضلالهم وشركهم. أما أبناء يعقوب، أو أبناء إسرائيل،
فقد اختلطوا بالمجتمع المصري، فضلّ منهم من ضل، وبقي على التوحيد من بقي.
وتكاثر أبناء إسرائيل وتزايد عددهم، واشتغلوا في العديد من الحرف.




ثم حكم مصر ملك جبار كان المصريون يعبدونه. ورأى هذا الملك بني إسرائيل
يتكاثرون ويزيدون ويملكون. وسمعهم يتحدثون عن نبوءة تقول إن واحدا من أبناء
إسرائيل سيسقط فرعون مصر عن عرشه. فأصدر الفرعون أمره ألا يلد أحد من بني
إسرائيل، أي أن يقتل أي وليد ذكر. وبدأ تطبيق النظام، ثم قال مستشارون
فرعون له، إن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم، والصغار يذبحون، وهذا
سينتهي إلى إفناء بني إسرائيل، فستضعف مصر لقلة الأيدي العاملة بها.
والأفضل أن تنظم العملية بأن يذبحون الذكور في عام ويتركونهم في العام الذي
يليه.




ووجد الفرعون أن هذا الحل أسلم. وحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا
يقتل فيه الغلمان، فولدته علانية آمنة. فلما جاء العام الذي يقتل فيه
الغلمان ولد موسى. حمل ميلاده خوفا عظيما لأمه. خافت عليه من القتل. راحت
ترضعه في السر. ثم جاءت عليها ليلة مباركة أوحى الله إليها فيها للأم بصنع
صندوق صغير لموسى. ثم إرضاعه ووضعه في الصندوق. وإلقاءه في النهر.




كان قلب الأم، وهو أرحم القلوب في الدنيا، يمتلئ بالألم وهي ترمي ابنها في
النيل، لكنها كانت تعلم أن الله أرحم بموسى منها، والله هو ربه ورب النيل.
لم يكد الصندوق يلمس مياه النيل حتى أصدر الخالق أمره إلى الأمواج أن تكون
هادئة حانية وهي تحمل هذا الرضيع الذي سيكون نبيا فيما بعد، ومثلما أصدر
الله تعالى أمره للنار أن تكون بردا وسلاما على إبراهيم، كذلك أصدر أمره
للنيل أن يحمل موسى بهدوء ورفق حتى يسلمه إلى قصر فرعون. وحملت مياه النيل
هذا الصندوق العزيز إلى قصر فرعون. وهناك أسلمه الموج للشاطئ.




رفض موسى للمراضع:




وفي ذلك الصباح خرجت زوجة فرعون تتمشى في حديقة القصر. وكانت زوجة فرعون
تختلف كثيرا عنه. فقد كان هو كافرا وكانت هي مؤمنة. كان هو قاسيا وكانت هي
رحيمة. كان جبارا وكانت رقيقة وطيبة. وأيضا كانت حزينة، فلم تكن تلد. وكانت
تتمنى أن يكون عندها ولد.




وعندما ذهبت الجواري ليملأن الجرار من النهر، وجدن الصندوق، فحملنه كما هو
إلى زوجة فرعون. فأمرتهن أن يفتحنه ففتحنه. فرأت موسى بداخله فأحست بحبه في
قلبها. فلقد ألقى الله في قلبها محبته فحملته من الصندوق. فاستيقظ موسى
وبدأ يبكي. كان جائعا يحتاج إلى رضعة الصباح فبكى.




فجاءت زوجة فرعون إليه، وهي تحمل بين بيدها طفلا رضيعا. فسأل من أين جاء
هذا الرضيع؟ فحدثوه بأمر الصندوق. فقال بقلب لا يعرف الرحمة: لابد أنه أحد
أطفال بني إسرائيل. أليس المفروض أن يقتل أطفال هذه السنة؟




فذكّرت آسيا -امرأة فرعون- زوجها بعدم قدرتهم على وطلبت منه أن يسمح لها بتربيته. سمح لها بذلك.




عاد موسى للبكاء من الجوع. فأمرت بإحضار المراضع. فحضرت مرضعة من القصر
وأخذت موسى لترضعه فرفض أن يرضع منها. فحضرت مرضعة ثانية وثالثة وعاشرة
وموسى يبكي ولا يريد أن يرضع. فاحتارت زوجة فرعون ولم تكن تعرف ماذا تفعل.




لم تكن زوجة فرعون هي وحدها الحزينة الباكية بسبب رفع موسى لجميع المراضع.
فلقد كانت أم موسى هي الأخرى حزينة باكية. لم تكد ترمي موسى في النيل حتى
أحست أنها ترمي قلبها في النيل. غاب الصندوق في مياه النيل واختفت أخباره.
وجاء الصباح على أم موسى فإذا قلبها فارغ يذوب حزنا على ابنها، وكادت تذهب
إلى قصر فرعون لتبلغهم نبأ ابنها وليكن ما يكون. لولا أن الله تعالى ربط
على قلبها وملأ بالسلام نفسها فهدأت واستكانت وتركت أمر ابنها لله. كل ما
في الأمر أنها قالت لأخته: اذهبي بهدوء إلى المدينة وحاولي أن تعرفي ماذا
حدث لموسى.




وذهبت أخت موسى بهدوء ورفق إلى جوار قصر فرعون، فإذا بها تسمع القصة
الكاملة. رأت موسى من بعيد وسمعت بكاءه، ورأتهم حائرين لا يعرفون كيف
يرضعونه، سمعت أنه يرفض كل المراضع. وقالت أخت موسى لحرس فرعون: هل أدلكم
على أهل بيت يرضعونه ويكفلونه ويهتمون بأمره ويخدمونه؟




ففرحت زوجة فرعون كثيرا لهذا الأمر، وطلبت منها أن تحضر المرضعة. وعادت أخت
موسى وأحضرت أمه. وأرضعته أمه فرضع. وتهللت زوجة فرعون وقالت: "خذيه حتى
تنتهي فترة رضاعته وأعيديه إلينا بعدها، وسنعطيك أجرا عظيما على تربيتك
له". وهكذا رد الله تعالى موسى لأمه كي تقر عينها ويهدأ قلبها ولا تحزن
ولتعلم أن وعد الله حق وأن كلماته سبحانه تنفذ رغم أي شيء. ورغم كل شيء.




نشأة موسى في بيت فرعون:




أتمت أم موسى رضاعته وأسلمته لبيت فرعون. كان موضع حب الجميع. كان لا يراه
أحد إلا أحبه. وها هو ذا في أعظم قصور الدنيا يتربى بحفظ الله وعنايته.
بدأت تربية موسى في بيت فرعون. وكان هذا البيت يضم أعظم المربين والمدرسين
في ذلك الوقت. كانت مصر أيامها أعظم دولة في الأرض. وكان فرعون أقوى ملك في
الأرض، ومن الطبيعي أن يضم قصره أعظم المدربين والمثقفين والمربين في
الأرض. وهكذا شاءت حكمة الله تعالى أن يتربى موسى أعظم تربية وأن يتعهده
أعظم المدرسين، وأن يتم هذا كله في بيت عدوه الذي سيصطدم به فيما بعد
تنفيذا لمشيئة الخالق.




وكبر موسى في بيت فرعون. كان موسى يعلم أنه ليس ابنا لفرعون، إنما هو واحد
من بني إسرائيل. وكان يرى كيف يضطهد رجال فرعون وأتباعه بني إسرائيل.. وكبر
موسى وبلغ أشده.. (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ
أَهْلِهَا) وراح يتمشى فيها. فوجد رجلا من اتباع فرعون وهو يقتتل مع رجل من
بني إسرائيل، واستغاث به الرجل الضعيف فتدخل موسى وأزاح بيده الرجل الظالم
فقتله. كان موسى قويا جدا، ولم يكن يقصد قتل الظالم، إنما أراد إزاحته
فقط، لكن ضربته هذه قتلته. ففوجئ موسى به وقد مات وقال لنفسه: (هَذَا مِنْ
عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ). ودعا موسى ربه:
(قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي). وغفر الله تعالى له،
(إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).




أصبح موسى (فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ). كان هذا حال موسى، حال
إنسان مطارد، فهو خائف، يتوقع الشر في كل خطوة، وهو مترقب، يلتفت لأوهى
الحركات وأخفاها.




ووعد موسى بأن لا يكون ظهيرا للمجرمين. لن يتدخل في المشاجرات بين المجرمين
والمشاغبين ليدافع عن أحد من قومه. وفوجئ موسى أثناء سيره بنفس الرجل الذي
أنقذه بالأمس وهو يناديه ويستصرخه اليوم. كان الرجل مشتبكا في عراك مع أحد
المصريين. وأدرك موسى بأن هذا الإسرائيلي مشاغب. أدرك أنه من هواة
المشاجرات. وصرخ موسى في الإسرائيلي يعنفه قائلا: (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ
مُّبِينٌ). قال موسى كلمته واندفع نحوهما يريد البطش بالمصري. واعتقد
الإسرائيلي أن موسى سيبطش به هو. دفعه الخوف من موسى إلى استرحامه صارخا،
وذكّره بالمصري الذي قتله بالأمس. فتوقف موسى، سكت عنه الغضب وتذكر ما فعله
بالأمس، وكيف استغفر وتاب ووعد ألا يكون نصيرا للمجرمين. استدار موسى
عائدا ومضى وهو يستغفر ربه.




وأدرك المصري الذي كان يتشاجر مع الإسرائيلي أن موسى هو قاتل المصري الذي
عثروا على جثته أمس. ولم يكن أحد من المصررين يعلم من القاتل. فنشر هذا
المصري الخبر في أرجاء المدينة. وانكشف سر موسى وظهر أمره. وجاء رجل مصري
مؤمن من أقصى المدينة مسرعا. ونصح موسى بالخروج من مصر، لأن المصريين ينوون
قلته.




لم يذكر القرآن الكريم اسم الرجل الذي جاء يحذر موسى. ونرجح أنه كان رجلا
مصريا من ذوي الأهمية، فقد اطلع على مؤامرة تحاك لموسى من مستويات عليا،
ولو كان شخصية عادية لما عرف. يعرف الرجل أن موسى لم يكن يستحق القتل على
ذنبه بالأمس.. لقد قتل الرجل خطأ. فيجب أن تكون عقوبته السجن على أقصى
تقدير.




لكن رؤساء القوم وعليتهم، الذين يبدوا أنهم كانوا يكرهون موسى لأنه من بني
إسرائيل، ولأنه نجى من العام الذي يقتل فيه كل مولود ذكر، وجدوا هذه الفرصة
مناسبة للتخلص من موسى، فهو قاتل المصري، لذا فهو يستحق القتل.




خرج موسى من مصر على الفور. خائفا يتلفت ويتسمع ويترقب. في قلبه دعاء لله
(رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). وكان القوم ظالمين حقا.
ألا يريدون تطبيق عقوبة القتل العمد عليه، وهو لم يفعل شيئا أكثر من أنه مد
يده وأزاح رجلا فقتله خطأ؟




خرج موسى من مصر على عجل. لم يذهب إلى قصر فرعون ولم يغير ملابسه ولم يأخذ
طعاما للطريق ولم يعد للسفر عدته. لم يكن معه دابة تحمله على ظهرها وتوصله.
ولم يكن في قافلة. إنما خرج بمجرد أن جاءه الرجل المؤمن وحذره من فرعون
ونصحه أن يخرج. اختار طريقا غير مطروق وسلكه. دخل في الصحراء مباشرة واتجه
إلى حيث قدرت له العناية الإلهية أن يتجه. لم يكن موسى يسير قاصدا مكانا
معينا. هذه أول مرة يخرج فيها ويعبر الصحراء وحده.




موسى في مدين:




ظل يسير بنفسية المطارد حتى وصل إلى مكان. كان هذا المكان هو مدين. جلس
يرتاح عند بئر عظيمة يسقي الناس منها دوابهم. وكان خائفا طوال الوقت أن
يرسل فرعون من وراءه من يقبض عليه.




لم يكد موسى يصل إلى مدين حتى ألقى بنفسه تحت شجرة واستراح. نال منه الجوع
والتعب، وسقطت نعله بعد أن ذابت من مشقة السير على الرمال والصخور والتراب.
لم تكن معه نقود لشراء نعل جديدة. ولم تكن معه نقود لشراء طعام أو شراب.
لاحظ موسى جماعة من الرعاة يسقون غنمهم، ووجد امرأتين تكفان غنمهما أن
يختلطا بغنم القوم، أحس موسى بما يشبه الإلهام أن الفتاتين في حاجة إلى
المساعدة. تقدم منهما وسأل هل يستطيع أن يساعدهما في شيء.




قالت إحداهما: نحن ننتظر أن ينتهي الرعاة من سقي غنمهم لنسقي.


سأل موسى: ولماذا لا تسقيان؟


قالت الأخرى: لا نستطيع أن نزاحم الرجال.


اندهش موسى لأنهما ترعيان الغنم. المفروض أن يرعى الرجال الأغنام. هذه مهمة شاقة ومتعبة وتحتاج إلى اليقظة.


سأل موسى: لماذا ترعيان الغنم؟


فقالت واحدة منهما: أبونا شيخ كبير لا تساعده صحته على الخروج كل يوم للرعي.


فقال موسى: سأسقي لكما.




سار موسى نحو الماء. وسقى لهم الغنم مع بقية الرعاة. وفي رواية أن أن
الرعاة قد وضعوا على فم البئر بعد أن انتهوا منها صخرة ضخمة لا يستطيع أن
يحركها غير عدد من الرجال. فرفع موسى الصخرة وحده. وسقى لهما الغنم وأعاد
الصخرة إلى مكانها، وتركهما وعاد يجلس تحت ظل الشجرة. وتذكر لحظتها الله
وناداه في قلبه: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ
فَقِيرٌ).




عادت الفتاتان إلى أبيهما الشيخ.




سأل الأب: عدتما اليوم سريعا على غير العادة؟!


قالت إحداهما: تقابلنا مع رجل كريم سقى لنا الغنم.


فقال الأب لابنته: اذهبي إليه وقولي له: (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ) ليعطيك (أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا).




ذهبت واحدة من الفتاتين إلى موسى، ووقفت أمامه وأبلغته رسالة أبيها. فنهض
موسى وبصره في الأرض. إنه لم يسق لهما الغنم ليأخذ منهن أجرا، وإنما
ساعدهما لوجه الله، غير أنه أحس في داخله أن الله هو الذي يوجه قدميه فنهض.
سارت البنت أمامه. هبت الرياح فضربت ثوبها فخفض موسى بصره حياء وقال لها:
سأسير أنا أمامك ونبهيني أنت إلى الطريق.




وصلا إلى الشيخ. قال بعض المفسرين إن هذا الشيخ هو النبي شعيب. عمر طويلا
بعد موت قومه. وقيل إنه ابن أخي شعيب. وقيل ابن عمه، وقيل رجل مؤمن من قوم
شعيب الذين آمنوا به. لا نعرف أكثر من كونه شيخا صالحا.




قدم له الشيخ الطعام وسأله: من أين قدم وإلى أين سيذهب؟ حدثه موسى عن قصته.
قال الشيخ: (لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). هذه
البلاد لا تتبع مصر، ولن يصلوا إليك هنا. اطمأن موسى ونهض لينصرف.




قالت ابنة الشيخ لأبيها همسا: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ).


سألها الأب: كيف عرفت أنه قوي؟


قالت: رفع وحده صخرة لا يرفعها غير عدد رجال.


سألها: وكيف عرفت أنه أمين؟


قالت: رفض أن يسير خلفي وسار أمامي حتى لا ينظر إلي وأنا أمشي. وطوال الوقت الذي كنت أكلمه فيه كان يضع عينيه في الأرض حياء وأدبا.




وعاد الشيخ لموسى وقال له: أريد يا موسى أن أزوجك إحدى ابنتي على أن تعمل
في رعي الغنم عندي ثماني سنوات، فإن أتممت عشر سنوات، فمن كرمك، لا أريد أن
أتعبك، (سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ). قال موسى: هذا
اتفاق بيني وبينك. والله شاهد على اتفاقنا. سواء قضيت السنوات الثمانية،
أو العشر سنوات فأنا حر بعدها في الذهاب.




يخوض الكثيرون في تيه من الأقاصيص والروايات، حول أي ابنتي الشيخ تزوج، وأي
المدتين قضى. والثابت أن موسى تزوج إحدى ابنتي الشيخ. لا نعرف من كانت،
ولا ماذا كان اسمها. وهذه الأمور سكت عنها السياق القرآني. إلا أنه استنادا
إلى طبيعة موسى وكرمه ونبوته وكونه من أولي العزم. نرى أنه قضى الأجل
الأكبر. وهذا ما يؤكده حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وهكذا عاش موسى يخدم
الشيخ عشر سنوات كاملة.




موسى ورعي الغنم:




وكان عمل موسى ينحصر في الخروج مع الفجر كل يوم لرعي الأغنام والسقاية لها.




ولنقف هنا وقفة تدبر. إن قدرة الإلهية نقلت خطى موسى -عليه السلام- خطوة
بخطوة. منذ أن كان رضيعا في المهد حتى هذه اللحظة. ألقت به في اليم ليلتقطه
آل فرعون. وألقت عليه محبة زوجة فرعون لينشأ في كنف عدوّه. ودخلت به
المدينة على حين غفلة من أهلها ليقتل نفسا. وأرسلت إليه بالرجل المؤمن من
آل فرعون ليحذره وينصحه بالخروج من مصر. وصاحبته في الطريق الصحراوي من مصر
إلى مدين وهو وحيد مطارد من غير زاد ولا استعداد. وجمعته بالشيخ الكبير
ليأجره هذه السنوات العشر. ثم ليعود بعدها فيتلقى التكليف.




هذا خط طويل من الرعاية والتوجيه، قبل النداء والتكليف. تجربة الرعاية
والحب والتدليل. تجربة الاندفاع تحت ضغط الغيظ الحبيس، وتجربة الندم
والاستغفار. وتجربة الخوف والمطاردة. وتجربة الغربة والوحدة والجوع. وتجربة
الخدمة ورغي الغنم بعد حياة القصور. وما يتخلل هذه التجارب الضخمة من
تجارب صغيرة، ومشاعر وخواطر، وإدراك ومعرفة. إلى جانب ما آتاه الله حين بلغ
أشده من العلم والحكمة.




إن الرسالة تكليف ضخم شاق، يحتاج صاحبه إلى زاد ضخم من التجارب والإدراك
والمعرفة، إلى جانب وحي الله وتوجيهه. ورسالة موسى تكليف عظيم، فهو مرسل
إلى فرعون الطاغية المتجبر، أعتى ملوك الأرض في زمانه، وأشدهم استعلاء في
الأرض. وهو مرسل لاستنقاذ قوم قد شربوا من كؤوس الذل حتى استمرأوا مذاقه.
فاستنقاذ قوم كهؤلاء عمل شاق عسير.




فتجربة السنوات العشر جاءت لتفصل بين حياة القصور التي نشأ فيها موسى -عليه
السلام- وحياة الجهد الشاق في الدعوة وتكاليفها العسيرة. فلحياة القصور
جوا وتقاليد خاصة. أما الرسالة فهي معاناة لجماهير من الناس فيهم الغني
والفقير، المهذب والخشن، القوي والضعيف، وفيهم وفيهم. وللرسالة تكاليفها من
المشقة ومن التجرد أحيانا، وقلوب أهل القصور في الغالب لا تصبر طويلا على
الخشونة والحرمان والمشقة.




فلما استكملت نفس موسى -عليه السلام- تجاربها، وأكملت مرانها، بهذه التجربة
الأخيرة في دار الغرة. قادت القدرة الإلهية خطاه مرة أخرى عائدة به إلى
مهبط رأسه، ومقر أهله وقومه، ومجال عمله. وهكذا نرى كيف صُنِعَ موسى على
عين الله، وكيف تم إعداده لتلقي التكليف.




عودة موسى لمصر:




ترى أي خاطر راود موسى، فعاد به إلى مصر، بعد انقضاء الأجل، وقد خرج منها
خائفا يترقب؟ وأنساه الخطر الذي ينتظره بها، وقد قتل فيها نفسا؟ وهناك
فرعون الذي كان يتآمر مع الملأ من قومه ليقتلوه؟




إنها قدرة الله التي تنقل خطاه كلها. لعلها قادته هذه المرة بالميل الفطري
إلى الأهل والعشيرة والوطن. وأنسته الخطر الذي خرج هاربا منه وحيدا طريدا.
ليؤدي المهمة التي خلق لها.




خرج موسى مع أهله وسار. اختفى القمر وراء أسراب من السحاب الكثيف وساد
الظلام. اشتد البرق والرعد وأمطرت السماء وزادت حدة البرد والظلام. وتاه
موسى أثناء سيره. ووقف موسى حائرا يرتعش من البرد وسط أهله.. ثم رفع رأسه
فشاهد نارا عظيمة تشتعل عن بعد. امتلأ قلبه بالفرح فجأة. قال لأهله: أني
رأيت نارا هناك.




أمرهم أن يجلسوا مكانهم حتى يذهب إلى النار لعله يأتيهم منها بخبر، أو يجد
أحدا يسأله عن الطريق فيهتدي إليه، أو يحضر إليهم بعض أخشابها المشتعلة
لتدفئتهم.




وتحرك موسى نحو النار. سار موسى مسرعا ليدفئ نفسه. يده اليمنى تمسك عصاه.
جسده مبلل من المطر. ظل يسير حتى وصل إلى واد يسمونه طوى. لاحظ شيئا غريبا
في هذا الوادي. لم يكن هناك برد ولا رياح. ثمة صمت عظيم ساكن. واقترب موسى
من النار. لم يكد يقترب منها حتى نودي: (أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ
وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).




نظر موسى في النار فوجد شجرة خضراء. كلما زاد تأجج النار زادت خضرة الشجرة.
والمفروض أن تتحول الشجرة إلى اللون الأسود وهي تحترق. لكن النار تزيد
واللون الأخضر يزيد. كانت الشجرة في جبل غربي عن يمينه، وكان الوادي الذي
يقف فيه هو وادي طوى.




ثم ارتجت الأرض بالخشوع والرهبة والله عز وجل ينادي: يَا مُوسَى




فأجاب موسى: نعم.




قال الله عز وجل: إِنِّي أَنَا رَبُّكَ




ازداد ارتعاش موسى وقال: نعم يا رب.




قال الله عز وجل: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى




انحنى موسى راكعا وجسده كله ينتفض وخلع نعليه.




عاد الحق سبحانه وتعالى يقول: وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا
يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ
أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ
عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) (طه)




زاد انتفاض جسد موسى وهو يتلقى الوحي الإلهي ويستمع إلى ربه وهو يخاطبه.




قال الرحمن الرحيم: وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى




ازدادت دهشة موسى. إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يخاطبه، والله يعرف أكثر
منه أنه يمسك عصاه. لماذا يسأله الله إذن إذا كان يعرف أكثر منه؟! لا شك أن
هناك حكمة عليا لذلك.




أجاب موسى: قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى




قال الله عز وجل: أَلْقِهَا يَا مُوسَى




رمى موسى العصا من يده وقد زادت دهشته. وفوجئ بأن العصا تتحول فجأة إلى
ثعبان عظيم الحجم هائل الجسم. وراح الثعبان يتحرك بسرعة. ولم يستطع موسى أن
يقاوم خوفه. أحس أن بدنه يتزلزل من الخوف. فاستدار موسى فزعا وبدأ يجري.
لم يكد يجري خطوتين حتى ناداه الله: يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا
يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ.




عاد موسى يستدير ويقف. لم تزل العصا تتحرك. لم تزل الحية تتحرك.




قال الله سبحانه وتعالى لموسى: خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى




مد موسى يده للحية وهو يرتعش. لم يكد يلمسها حتى تحولت في يده إلى عصا. عاد
الأمر الإلهي يصدر له: اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء
مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ




وضع موسى يده في جيبه وأخرجها فإذا هي تتلألأ كالقمر. زاد انفعال موسى بما يحدث، وضع يده على قلبه كما أمره الله فذهب خوفه تماما..




اطمأن موسى وسكت. وأصدر الله إليه أمرا بعد هاتين المعجزتين -معجزة العصا
ومعجزة اليد- أن يذهب إلى فرعون ليدعوه إلى الله برفق ولين، ويأمره أن يخرج
بني إسرائيل من مصر. وأبدى موسى خوفه من فرعون. قال إنه قتل منهم نفسا
ويخاف أن يقتلوه. توسل إلى الله أن يرسل معه أخاه هارون. طمأن الله موسى
أنه سيكون معهما يسمع ويرى، وأن فرعون رغم قسوته وتجبره لن يمسهما بسوء.
أفهم الله موسى أنه هو الغالب. ودعا موسى وابتهل إلى الله أن يشرح له صدره
وييسر أمره ويمنحه القدرة على الدعوة إليه. ثم قفل موسى راجعا لأهله بعد
اصطفاء الله واختياره رسولا إلى فرعون. انحدر موسى بأهله قاصدا مصر.




يعلم الله وحده أي أفكار عبرت ذهن موسى وهو يحث خطاه قاصدا مصر. انتهى زمان
التأمل، وانطوت أيام الراحة، وجاءت الأوقات الصعبة أخيرا، وها هو ذا موسى
يحمل أمانة الحق ويمضي ليواجه بها بطش أعظم جبابرة عصره وأعتاهم. يعلم موسى
أن فرعون مصر طاغية. يعلم أنه لن يسلمه بني إسرائيل بغير صراع. يعلم أنه
سيقف من دعوته موقف الإنكار والكبرياء والتجاهل. لقد أمره الله تعالى أن
يذهب إلى فرعون. أن يدعوه بلين ورفق إلى الله. أوحى الله لموسى أن فرعون لن
يؤمن. ليدعه موسى وشأنه. وليركز على إطلاق سراح بني إسرائيل والكف عن
تعذيبهم. قال تعالى لموسى وهارون: (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا
رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ). هذه
هي المهمة المحددة. وهي مهمة سوف تصطدم بآلاف العقبات. إن فرعون يعذب بني
إسرائيل ويستعبدهم ويكلفهم من الأعمال ما لا طاقة لهم به، ويستحيي نسائهم،
ويذبح أبنائهم، ويتصرف فيهم كما لو كانوا ملكا خاصا ورثه مع ملك مصر. يعلم
موسى أن النظام المصري يقوم في بنيانه الأساسي على استعباد بني إسرائيل
واستغلال عملهم وجهدهم وطاقاتهم في الدولة، فهل يفرط الفرعون في بناء
الدولة الأساسي ببساطة ويسر؟ ذهبت الأفكار وجاءت، فاختصرت مشقة الطريق.
ورفع الستار عن مشهد المواجهة.





انتظروا الجزء الثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
روح السلام
مجلس ادارة الواحة
مجلس ادارة الواحة
روح السلام


انثى
تاريخ التسجيل : 10/01/2009
عدد الرسائل عدد الرسائل : 1822
تاريخ الميلاد : 13/05/1991
العمر : 33
موطني الجزائر
المـــــــزاج : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 310
المهنة : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Studen10
الهواية : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Readin10
الجنسية : جزائرية
الدعــــــــــــــاء الدعــــــــــــــاء : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Nawasr10
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Rxs07963
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 561571d1300779680-%D8%B8%CB%86%D8%B7%C2%B3%D8%B7%C2%A7%D8%B8%E2%80%A6-%D8%B7%C2%A7%D8%B8%E2%80%9E%D8%B8%E2%80%A6%D8%B7%C2%AF%D8%B8%CB%86%D8%B8%E2%80%A0%D8%B8%E2%80%A1
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية N2hr7a9a28c1cb

بطاقة الشخصية
البلد: الجزائر
الهواية:
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Left_bar_bleue50/50قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Empty_bar_bleue  (50/50)

قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية   قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 1%20(13)الخميس يناير 06, 2011 6:18 pm

قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 4
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
fifi farida
عضو فضي
عضو فضي
fifi farida


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2010
عدد الرسائل عدد الرسائل : 714
تاريخ الميلاد : 23/12/1987
العمر : 36
المـــــــزاج : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 310
المهنة : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Studen10
الهواية : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Readin10
الجنسية : جزائرية
الدعــــــــــــــاء الدعــــــــــــــاء : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Nawasr10

بطاقة الشخصية
البلد:
الهواية:
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Left_bar_bleue50/50قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Empty_bar_bleue  (50/50)

قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية   قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 1%20(13)الخميس يناير 06, 2011 6:40 pm

قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Z7
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الصقر العراقي
المؤسس لمنتديات الواحة
الصقر العراقي


ذكر
تاريخ التسجيل : 11/05/2008
عدد الرسائل عدد الرسائل : 17234
تاريخ الميلاد : 22/02/1977
العمر : 47
موطني العراق
المـــــــزاج : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 8010
المهنة : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Profes10
الهواية : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Writin10
الجنسية : عراقي
الدعــــــــــــــاء الدعــــــــــــــاء : قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Nawasr10

بطاقة الشخصية
البلد: العراق
الهواية:
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Left_bar_bleue0/0قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Empty_bar_bleue  (0/0)

قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية   قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 1%20(13)الجمعة يناير 28, 2011 7:01 am

قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 115840
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية 202213
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://anwrsabah.hooxs.com
 
قصص الانبياء والمرسلين سلسلة قصصية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سلسلة معجزات الانبياء
» سلسلة معجزات الانبياء ج2
» عدد الانبياء والرسل
» سلسلة ربيع القلوب (^_^)
» ::قصص حب الانبياء بزوجاتهم ... قصص روعة::

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الواحة الخضراء :: 

@ الــــواحــــة الإســـلامـــيـــة @ :: 

@ منتدى الانبياء والرسل @

-
انتقل الى: