على المرء ان يكبح جماح الغريزة الجنسية ، ولا يعني هذا القضاء على هذه المنحة الالهية التي اودعها الخالق تبارك وتعالى في ذات البشر .
لان عملا كهذا يؤدي الى انقطاع النسل والحرمان من اكثر متع الدنيا لذة .
ومن هنا فان على المرء ان يجعل قيادة نفسه الى عقله ، وان يعزز ارادته لكي يتمكن العقل من السيطرة على الغريزة الجنسية ويجعلها في الطريق القويم .
ولان الشريعة الاسلامية عينت الحلال وشخصت الحرام ، فالعقل يقود الغريزة في مسالك الحلال بعيدا عن الحرام ، وعندها يلتذ الانسان ويشبع شهوته الجنسية ويستمر النسل .
كنت اعرف شابا اشتغل مدة في تزكية نفسه قال لي يوما : لقد نجحت في ضبط نفسي ، واستطعت الابتعاد بها عن الصفات الحيوانية ، لكني اخفقت في ضبط غريزتي الجنسية ، وقد جرتني مع الاسف الى المعصية والغفلة عن الله .
قلت له : اتعرف لماذا فشلت في ذلك ؟
قال : لا ، ولقد جئت اليك استمدك العون .
قلت له : ان فشلك يعود الى خطأ في رؤيتك لهذه الغريزة ، انك تتصورها صفة حيوانية يتوجب القضاء عليها تماما ، ليكن في علمك ان هذه الغريزة كلما قوت في ذات الانسان كان سليما معافى ، فهي كالبصر والشم والذوق وسائر الحواس ، فكلما كانت قوية كان الجسم صحيحا سليما .
وديننا لم يأمرنا بمحاربة غريزة الجنس والقضاء عليها . فكما انه ينبغي السيطرة على ابصارنا فلا نرى فيها الحرام ، واسماعنا نمنعها عن الاصغاء للحرام ، فكذا شهوة الجنس يتوجب السيطرة عليها فلا توقعنا في الحرام .
ولذا لو وقعت عين احد على حرام كالنظر الى غير المحارم فهل عليه ان يطمسها ؟ فكذا غريزة الجنس اذا اوقعته في حرام فلا ينبغي ان يقضي عليها ، وانما عليه ان يكبح جماحها ويسيطر عليها .
وكما ان الانسان يشكر الله سبحانه اذا منحه نعمة البصر الحاد فعليه ان يشكر الله عز وجل ؛ اذ منحه هذه الغريزة القوية والمطلوب منه هو ان لا يجعلها تجره الى الحرام .
من هنا فانك خاطئ لو اردت القضاء على شهوتك الجنسية ، فلا تقل اني اريد القضاء عليها وقل انما اريد تهذيبها ، وان تكون نفسي تحت قيادة عقلي ، وان غريزتي حرة ما دامت تتحرك في دائرة الحلال ، ولن اتعرض لها بالمنع الا في حالة تجاوزها حدودها الشرعية .
قال الشاب : الآن ادركت خطأي في القضاء على الشهوة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «النكاح سنتي ، فمن رغب عن سنتي فليس مني» .
قلت له : وما اكثر الروايات والاحاديث في الحض على الزواج والترغيب فيه ، ولو جمعتها لكانت كتابا مستقلا ، وكم من الروايات التي تنفر من العزوبية والاعراض عن الحياة الزوجية المشتركة التي تصل الى حد اعتبار منكرها منكرا لضرورات الدين .
ان طريق النجاح في تزكية النفس هو في اخضاعها لمنطق العقل ، ويكفي زجرها عن الحرام فلا تقع فيه ، ولذا قال الله سبحانه في صفات المؤمنين :
«والذين هم لفروجهم حافظون * الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين» .
منقول للفائدة