"دفء العائلة"يخفف أثار مرض العتهالأربعاء ديسمبر 8 2010
برلين - ، د ب ا -
ذات يوم، جلست ريناتا (43 عاما) بجوار زوجها، وأخذت تحكي له أحداث يومها قائلةً انها استغرقت في النوم واستيقظت متأخرةً في ذلك الصباح لتصل بالكاد إلى مكتبها في موعدها، بينما حصلت ابنتهما ليوني على مستوى "بي" في حصة اللغة الألمانية في المدرسة.
لم تكن ريناتا على علم بما إذا كان زوجها فهم كلامها أو أن يكون قد سمعها. فمنذ الحادث الخطير الذي تعرض له بدراجته البخارية، وهو في حالة مستمرة من غياب الوعي (يطلق عليها الحالة الإنباتية المستديمة)، ويخضع للرعاية في مركز تمريض بمدينة فايلمونستر الألمانية.
في هذا المركز، يرقد أناس يعانون من تلف خطير في الدماغ بسبب نزيف في المخ أو مرض التهاب السحايا أو مرض باركنسن (الشلل الرعاشي)، إلى جانب بعض الأسباب الأخرى. وأصغر هؤلاء المرضى في العشرين من عمره بينما يبلغ أكبرهم 70 عاما.
يقول مدير خدمات التمريض في المركز كلاوس غونتر: "على الرغم من أنهم لم يعودوا يستطيعون العناية بأنفسهم، فإن حالتهم يمكن أن تتحسن".
ولعل الأمل في التحسن هو ما يشجع كورنيليا كلات باستمرار، فهي تعمل في مركز "هاوس أم شتات فالت" في مدينة بون الألمانية، المخصص للأشخاص الذين يعتمدون بشكل كامل على الرعاية التمريضية، بعد تعرضهم لحادث أو إصابتهم بنزيف في المخ أو سكتة قلبية، على سبيل المثال.
وتشير كلات إلى المعجزة التي حدثت لشاب دخل في حالة مستمرة من غياب الوعي بعد إصابته بنزيف في المخ قبل عامين، اذ انه يستطيع الآن التواصل قليلا مع الآخرين بإشارته إلى الكلمتين "نعم" أو "لا" على لوحة كتابة. كما أنه يستطيع الشرب من الكوب بنفسه والتعرف على أقاربه.
ورغم أنه لا يبدو على المريض الذي يدخل في حالة مستمرة من غياب الوعي أنه يستجيب للبيئة المحيطة به ويتفاعل معها، يظل أفراد الأسرة والأصدقاء مهمين للغاية بالنسبة اليهم. وتقول كلات إن تنفس المريض يصبح أكثر هدوءا وتسترخي عضلاته في وجود الأقارب والأصدقاء.
ثمة ملاحظات مماثلة أبداها هانز جيورج نيهن وهو مدير مركز طب الشيخوخة في مستشفى سانت اليزابيث في مدينة ايسن الألمانية، التي تعالج فيها عيادة الذاكرة مرضى العته في المقام الأول. ومع تطور العته لدى هؤلاء المرضى، فإنهم يعجزون عن التعرف على أقاربهم، غير أنهم يستجيبون لما يبدو حولهم من اهتمام ومشاعر.
يقول نيهن: "هذا التفاعل العاطفي مع الآخرين يستمر لفترة طويلة". وأوضح أن على الأقارب تعلم السلوكيات السليمة في التعامل مع مرضى العته، وإلا فإنهم يمكن أن يخطئوا في أمور كثيرة جدا. وأول ما يتعين عليهم القيام به هو اتخاذ خطوة كبيرة في تقبل الاختلال العقلي وما يترتب عليه من عواقب غير قابلة للتغيير.
ويحذر نيهن من النطق بكلمات مثل "حاول أن تتذكر!" أو "ركز!"، قائلا إنه سلوك خاطئ نظرا لأن تلك العبارات "تخاطب قدرتهم على التفكير، والتي لم يعودوا يتمتعون بها الآن".
من الأفضل أن ندع هؤلاء المرضى يعتمدون على أنفسهم قدر المستطاع، ولكن يتعين الوقوف بجانبهم إذا احتاجوا المساعدة. فعلى سبيل المثال، إذا حاول أحد المرضى تمشيط شعره بفرشاة أسنان، فإنه يمكن للمسؤول عن رعايته أو أحد أقاربه أن يعرض عليه فرشاة الشعر ويقول له بلطف: "ربما كان الأمر أيسر باستخدام هذه".
أحيانا يمكن رعاية مثل هؤلاء المرضى في المنزل، غير أن على الأقارب الذين يريدون تقديم الرعاية للمريض أن يعلموا طبيعة الأمر المقبلين عليه. فعبء هذا العمل ثقيل من الناحية البدنية والعاطفية، اذ يحتاج المريض الى رعاية متواصلة على مدار الساعة، بل إن بعضهم يتعين نقله كل ساعة.
علاوة على ذلك،شكك نيهن في أن الأقارب يسدون دائما معروفا للمريض برعايته في المنزل، وقال: "ربما يشعر (المريض) بحال أفضل بين أناس مثله".