السومريون والساميون

كان السومريون ينتشرون في كافة مدن العراق الشمالية والوسطى والجنوبية قبل الطوفان وبعده بألفي عام ، إلى أن تم أزاحتهم من قبل الساميين إلى جنوب العراق ، واحتلوا مدينة دلمون التي كانت جنة السومريون ، كما أطلقوا عليها جنة عدن وهي جزء من ارض سواد العراق .
ولأهمية هذه المدينة في تاريخ حضارات العراق وشعب العراق ، قررت أن أقدم دراسة عنها كي أفند ادعاءات المستشرقين الذين ذهبوا على أن أصل السومريين ليس من العراق .
كما ادعوا أيضا أن الساميين هم سكان الجزيرة العربية هاجروا إلى العراق واقتبسوا حضارة السومريين ، وهذا الرأي الثاني ذهب إليه أيضا كافة المؤرخين العراقيين والعرب حسب علمي ( ألا ماندر ) .
أن أصل السومريين هم السكان الأوائل في العراق ، كذلك أصل الساميين وتكاثرهم في العراق ، ثم انتشروا في الوطن العربي ، لأنهم أبناء سام بن نوح (ع) الذي نزل أبوهم سام بن نوح بعد الطوفان مع أهله شرق مدينة دلمون ثم ابتنوا مدنا على نهر الملك حتى الألف الثالثة بعد الطوفان ثم نزح قسم منهم إلى البلدان العربية ، لهذا فأن أصل السومريين والساميين هو من العراق فقط وهم سكان العراق القديم (1)
لقد ذهب الباحثين المتشيعين للأصل السومري (الهندي –أوربي ) لحضارة وادي الرافدين بغية جعل المبادرة الحضارية لشعب آري غريب عن العراق ، وأن السومريون ذوي لغة أجنبية ، أن المستشرقين المعادين للعرب تعمدوا غزو حضارة العراق وإسنادها إلى عنصر غريب عن شعبه القديم وثم أبعاد الوجود السامي العربي عن إسهامه في تقدم وتطور المدنية البشرية فابتدعوا نظرية مفادها إن السومريين ذو لغة أجنبية هم مؤسسو حضارة وادي الرافدين .
ونرى أحد المستشرقين وهو أستاذ اللغات السامية ألقى محاضرة في كمبرج بدائرة المعارف البريطانية لسنة ( 1910 – 1911 م ) وقال (2) ((.. كانت هناك لغة قديمة في وادي الرافدين والأرجح إنها لهجة سامية كان يتكلم بها السكان الأصليون الذين يمثلون أقدم المستوطنين في هذه المنطقة وهي التي صارت تعرف فيما بعد بالكتابة المسمارية ، وكانت هذه اللغة في دور التكوين والنمو عندما دخل الساميون إلى هذه المنطقة ، مع العلم لايعلم بالتأكيد متى نزحوا إلى سهل بابل ، والأرجح أن وطن هؤلاء الساميين هو جزيرة العرب ، فاقتبسوا هؤلاء النازحون الجدد الكثير من كلمات اللغة القديمة ومن ضمنها بعض الجمل النحوية ثم جاء السومريون فيما بعد واقتبسوا بدورهم من الساميين البابليين الكثير من مفردات اللغة السامية ))
ويمكن إن نلخص أهم فقرات هذه المحاضرة بالنقاط التالية :ـــ
1 – توجد لغة قديمة ويرجعها لهجة سامية قديمة .
2 – إن هذه اللغة في دور التكوين .
3 – دخل الساميون من الجزيرة العربية إلى العراق واقتبسوا حضارة العراق .
4 – ثم جاء السومريون واقتبسوا بدورهم الكثير من مفردات اللغة السامية .
يتضح لنا المغالطات الآتية :-
أولا :- أنه لم يحدد موطن السومريين ، بل قال دخلوا بعد الساميين .
ثانيا :- دخل الساميون العراق من الجزيرة العربية .
ثالثا :- وهذا يعني إن السومريين والساميين ليسوا من أقوام شعب العراق بل هم دخلوا من أقطار أخرى
أن هذه المغالطات للحقائق التاريخية نفندها بالأدلة الآتية :-
1- لو عدنا إلى الطوفان وبعد الطوفان ، نرى ذكر مدينة دلمون السومرية وهي جنة السومريين .
2- أن نوح (ع) حاكم مدينة شورباك السومرية قبل الطوفان .
3- يعني هذا إن نوح (ع) هو من السلالة السومرية .
4- أذن السومريين وجدوا في العراق قبل الطوفان وبعده وهم أصل سكان العراق القدماء .
5- أما بعد الطوفان فأن الوحي أمر نوح بأن ينزل بعيدا عن فم الأنهار في أرض دلمون .
6- نزل نوح شرقي مدينة دلمون وبني مساكن فيها وكثر نسله من ثلاث رجال وهم ( سام وحام ويافث ) حسب رواية التوراة .
7- أن تاريخ الاكتشافات في الجزيرة العربية والخليج العربي لاتتعد منتصف الألف الثانية قبل الميلاد ، لهذا فأن الاستيطان في تلك المناطق قريب جدا قياسا إلى نسل الساميين الذين ظهروا قبل التاريخ بألفي وخمسمائة عام ، لهذا فأن أصل الساميين من العراق وهو موطنهم الأول ومنه هاجروا إلى بلاد الشام والجزيرة والخليج العربي ثم إلى المغرب العربي .
8- إن نوح عراقيا فأن نسله عراقيين أيضا وتكاثروا في العراق ، لهذا فأنهم من أصل سكان العراق .
9- أن حضارة وادي الرافدين هي حصيلة جهد مشترك للسومريين والأكديين ( ومن تبعهم من بابليين وأشوريين ) الذين عاشوا جنبا إلى جنب في بلاد سومر وأكد لعصور طويلة .
من هذه الأدلة التاريخية والنسبية نستنتج أن حضارة السومريين والساميين هي حضارة سامية وعربية خالصة غير مستوردة وعراقية خالصة .
المصادر
(1) المفصل في التاريخ – مهنا الدويش المطيري ج2 ص61 مخطوط
(2) تاريخ حضارة وادي الرافدين – د . أحمد سوسة ج1 ص568 .