أنت واقف تحت الشمس وقد بلغ منك العرق بمقدار ذنوبك إلى الكعبين أو الساقين أو الصدر أو الفم فيغمرك العرق وكل أعلى بمقدار كم سيغرق وأنت في هذا الموقف تتمنى أن ينتهي بأسرع ما يمكن وبأي طريقة وحولك يقف أصدقاؤك الذين كنت معهم على غير طاعة الله
.
لا يستطيعون أن يفعلوا لك شيئا ولا حتى أن يكونوا كما كانوا يفعلون في الدنيا " رجالا " في مواقف المعصية فهم مشغولون بأنفسهم أيضا.
وبينما أنت في هذا الموقف العصيب تنظر على مقربة منك فترى ظلا عظيما ممتدا يقف تحته الكثير من الناس كنت تعرفهم بأشكالهم بل حتى منهم من تعرفه باسمه بل ومنهم من وقفت وتكلمت معه مرات ومرات ما بالهم هناك وأنا هنا ؟؟؟
بل ما لهم مستظلين وأنا في عرق ذنوبي غريق.
نعم أليسوا هم من كانوا يدعونني إلى صحبتهم ويلحون علي في ذلك أليسوا هم من كانوا يحذرونني من صحبة رفاقي ويخبرونني بهذا المشهد ويرجونني ألا أكون في موضعي هذا.
حينها يملأ الندم قلبك
(( ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا )) .
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:" الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل وفي الآية
)) ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ((.
ولعل من أفضل العبارات التي تصوغ شكل الصاحب والرفيق عبارة الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى من القرن السادس الهجري حيث قال رحمه الله:" ينبغي أن يكون فيمن تؤثر صحبته خمس خصال: أن يكون عاقلا حسن الخلق غير فاسق ولا مبتدع ولا حريص على الدنيا ".
ويختم ابن الجوزي رحمه الله تعالى فيقول:" ومن اجتمعت فيه هذه الخصال كلها فإن صحبته لا ينتفع بها في الدنيا فقط بل ينتفع بها في الآخرة وعلى هذا يحمل كلام بعض الصحابة والتابعين رحمهم الله تعالى : استكثروا من الأخوان فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة ".
وخير ختام لهذا الكلام قول الله تعالى :
" الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين "
.. إنها دعوة لإعادة النظر في الأصدقاء وتوصيفهم تبعا للقواعد التي ذكرناها سابقا فإما أن تنال بهم الشفاعة يوم القيامة وتكون معهم في تلك المكانة العظيمة وإما أن تبدأ بالأخذ بنصيحتي وتستعد باختيار اصدقائك فستحتاج إليهم في ذلك المقام.